أخــبـار مـحـلـيـة

في 3 أسئلة..أزمة الطاقة بجنوب إفريقيا ودور تركيا لحلها

 

تعاني جنوب إفريقيا، إحدى القوى الاقتصادية الرائدة في القارة الإفريقية، من أزمة في توفير موارد الطاقة، في ظل تعرض المنازل والشركات لانقطاعات في التيار الكهربائي تصل إلى 12 ساعة يوميا.

وتسمى أزمة الطاقة، التي تسببت في انقطاع التيار الكهربائي لما مجموعه 3775 ساعة في 205 أيام عام 2022، بـ”العاصفة المثالية”.

1. ما هي أسباب أزمة الطاقة وانقطاع التيار الكهربائي بجنوب أفريقيا؟

عوامل مثل محطات توليد الطاقة بالفحم القديم وسوء الصيانة والتأخيرات في تحديث محطة الطاقة النووية في “كوبرغ” (Koeberg)، والأعطال التي تظهر بشكل مستمر في محطتي “مدوبي” (Medupi) و”كوسيل” (Kusile) المبنيتين حديثا لتوليد الطاقة بالفحم، تبرز كأهم العوامل التي تسبب في أزمة الطاقة بجنوب إفريقيا.

ومع ذلك، فإن أزمة الطاقة في شركة الكهرباء الوطنية في جنوب إفريقيا “أسكوم” (Eskom) تمتلك جذورًا عميقة بحاجة لحلول جذرية.

إن الأزمة التي مرت بها شركة “أسكوم” المملوكة للدولة، والتي توفر ما يقرب من 90 بالمئة من احتياجات الكهرباء في البلاد، هي في الواقع أزمة بنيوية عميقة سببها عدم قدرة الإصلاحات التي اتخذتها الدولة ما بعد حكومة الفصل العنصري على معالجة الأزمات في المجتمع والبنى التحتية.

كذلك، فإن الآثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لقرون من الاستعمار، كانت سببا في الأزمة، إلى جانب نزع الملكية الخاصة وأنشطة التعدين.

بعبارة أخرى، فإن التطورات الأخيرة في قطاع الطاقة في جنوب إفريقيا تعبر عن الأزمة السياسية والاقتصادية العميقة التي تمر بها البلاد، خاصة بعد إعلان شركة “أسكوم” عن خسارة أكثر من 20 مليار راند جنوب إفريقي (1.3 مليار دولار) في السنة المالية 2017-2018، بسبب الإنفاق غير المنتظم.

وفي إطار مساعيها لتخفيف الضغط، لجأت “أسكوم” منذ عام 2007، وكإجراء طارئ، إلى فرض فصل الأحمال (قطع التيار الكهربائي) بعد عجز منشآت توليد الطاقة في كثير من الأحيان عن إنتاج ما يكفي من الطاقة الكهربائية.

ومن خلال جدولة الانقطاعات المنتظمة في إمداد الكهرباء لأجزاء معينة من الشبكة، تحاول المرافق تجنب زيادة الأحمال الكهربية على مرافق التوليد الخاصة بها.

تحصل “أسكوم” على معظم إنتاجها من الطاقة الكهربائية عن طريق الفحم المتوفر بكثرة في جنوب إفريقيا.

وبينما تسعى البلاد للتحول إلى الطاقة المتجددة، فإن رفض الحكومة السماح لشركة “أسكوم” بناء محطات طاقة جديدة يؤدي إلى تآكل المحطات القائمة التي تجد نفسها مضطرة للتعامل مع الطلب المتزايد.

فيما يؤثر انقطاع التيار الكهربائي المستمر بشكل خطير على حركة التنمية في البلاد ويزيد من مخاطر الركود.

إلى ذلك، تشير التقديرات إلى أن التكاليف الاقتصادية المرتبطة بانقطاع التيار الكهربائي قد أدت إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1 إلى 1.3 في المائة سنويًا منذ عام 2007.

2. هل مصادر الطاقة المتجددة حل فعال؟

بالنظر إلى الفحم، الذي يهيمن على إنتاج الطاقة في جنوب إفريقيا، فهو مورد محدود ومكلف، ولا يبدو أن من شأنه أن يكون بديلًا لإنهاء أزمة الطاقة على المدى القصير.

وفي هذه المرحلة، تأتي موارد الطاقة المتجددة التي يتم الحصول عليها من موارد طاقة الرياح والطاقة الشمسية المتوفرة بكثرة في جنوب إفريقيا، في المقدمة لحل أزمة الطاقة في البلاد، لا سيما أن تكلفة تقنيات الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية وتوربينات الرياح، تعتبر من التقنيات منخفضة التكلفة بمجرد تركيب البنية التحتية اللازمة.

إن الطاقة المتجددة ليست فعالة من حيث التكلفة فحسب، ولكنها أيضا أكثر موثوقية من الأشكال التقليدية لتوليد الطاقة، ذلك أن مصادر الطاقة المتجددة يمكن توزيعها في شبكة لامركزية من قبل منتجين مستقلين للطاقة.

وهذا يعني أنه يمكن إنتاج الطاقة بالقرب من أماكن الاستهلاك، لذلك يمكن لمصادر الطاقة المتجددة أن تساعد في تقليل احتمالية انقطاع التيار الكهربائي على مستوى البلاد.

وعلى الرغم من أن الطاقة المتجددة لديها إمكانات كبيرة في تلبية احتياجات الطاقة في جنوب إفريقيا، إلا أنه لا يمكن القول إن بإمكانها أن تحل محل الأشكال التقليدية لإنتاج الطاقة من حيث الاستدامة، نظرا لأن ضوء الشمس والرياح متقطعان، لذلك لابد من الجمع بين مصادر الطاقة المتجددة والطاقة التقليدية كحل فعال لمواجهة الأزمة.

وفي خطابه إلى الأمة في 7 فبراير/ شباط 2022، تعهد رئيس جمهورية جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا، بالانتقال إلى اقتصاد مفتوح وقائم على متطلبات السوق ومنفتح على الطاقة المتجددة.

وذكر أنهم يبذلون جهودا مكثفة لمعالجة الأزمة وتحسين أداء “أسكوم”.

بدورها، تسعى حكومة جنوب إفريقيا أيضا إلى تطبيق سلسلة من الإصلاحات السياسية التي تهدف إلى تعزيز المنافسة ومشاركة القطاع الخاص في قطاع الطاقة.

3. كيف يؤثر التعاون مع تركيا في مجال الطاقة على العلاقات بين البلدين؟

من جهتها، أعلنت وزارة النقل في جنوب إفريقيا منحها شركة “كارباورشيب” (Karpowership) التركية، حق الوصول إلى موانئ نجكورا وديربان وخليج سالدانها لمدة 20 عامًا، في إطار جهودها لإيجاد حل لأزمة الكهرباء في البلاد.

وتهدف شركة كارباورشيب إلى توليد الطاقة من أوعية الغاز العائمة وتوزيعها على شبكة الكهرباء في جنوب إفريقيا في مسعى للتخفيف من أزمة الكهرباء.

كما حصلت الشركة عام 2021 على الحصة الأكبر في مناقصة الطاقة الطارئة لحكومة جنوب إفريقيا البالغة 2000 ميغاواط.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الجهود التي تبذلها كارباورشيب التركية للتخفيف من أزمة الكهرباء في جنوب إفريقيا، تساهم في تسريع تطور ونمو العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين تركيا وجنوب إفريقيا، خاصة وأن تركيا هي واحدة من أكبر الشركاء لجنوب إفريقيا في مجالي التجارة والاستثمار.

وفي حين بلغ حجم التجارة الثنائية بين جنوب إفريقيا وتركيا 982 مليون دولار في 2020، فقد ارتفع بنسبة 42 بالمئة في 2021 وبلغ 1.404 مليار دولار.

لذلك نستطيع القول إن الشركات التركية العاملة في جنوب إفريقيا وعلى رأسها كارباورشيب، التي تنتج حلولاً لأزمات الطاقة، تفتح حقبة جديدة في العلاقات التجارية بين البلدين، وتدفع قدمًا نحو الأمام من أجل زيادة حجم التجارة الثنائية بين البلدين.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى