أخــبـار مـحـلـيـة

قرية فايمونفيل البلجيكية..الأتراك مروا من هنا(تقرير)

 

لا يعيش أتراك في قرية فايمونفيل البلجيكية، لكن روحهم تسري في كل ركن هناك. فبينما تُحيط مظاهر الحضارة الأوروبية بهذه القرية، فإن سكانها يرتبطون بـ”الهوية التركية”، التي تحولت مع الزمن إلى مصدر فخر لهم وللجاليات التركية في أوروبا.

تقع قرية فايمونفيل في قضاء “وايمز” (Waimes) بمقاطعة لييج (Liege) التابعة لمنطقة والونيا الناطقة بالفرنسية في بلجيكا، وتتميز بطبيعة خلابة، حيث تزينها غابات جبلية كثيفة.

وحسب آخر إحصاء، يبلغ عدد سكان القرية 925 نسمة.

لا يعيش في هذه القرية أي من الأتراك الذين استقروا في بلجيكا، والذين يبلغ عددهم حوالي 300 ألف. إلا أن فايمونفيل معروفة لدى الجميع باسم “القرية التركية”، بل يمكن مشاهدة الهلال والنجمة المميزين للعلم التركي وكلمة “ترك” في كل مكان بالقرية تقريبا.

فمثلا تتزين أرضية خرسانية عند مدخل مبنى بلدية القرية بنقش للهلال والنجمة، فيما يرتفع على السطح العلم التركي.

كما يوجد شعار الهلال والنجمة على لوحة المركز الثقافي في ساحة القرية، وحتى على شعار النبالة لنادي كرة القدم المسمى “آر إف سي توركانيا”.

مع مرور الزمن، تحولت هذه الهوية “التركية” إلى ظاهرة ثقافية. فكل عام، تُقام احتفالات تقليدية تُحاكي الثقافة التركية، من موسيقى ورقصات وأزياء، تُجسّد روحًا غريبة لا تقتصر على فايمونفيل، بل تُلامس قلوب الجاليات التركية في أوروبا.

وبينما تشهد مختلف المدن والبلدات والقرى البلجيكية تنظيم كرنفالات تقليدية خلال شهر فبراير/شباط من كل عام، تطغى أجواء الحماسة والبهجة على أجواء الكرنفال السنوي الذي ينظمه سكان فايمونفيل.

فسنويًا، يشارك الأتراك المقيمون في أنحاء مختلفة من بلجيكا والدول المجاورة في الكرنفال السنوي الذي تنظمه في فايمونفيل مجموعة تسمى “Les Turkania Möhnen”، والتي تصف نفسها أيضًا باسم “Jeunes Turcs” (الشباب التركي)، حيث يبدأ الكرنفال بمعزوفات لفرقة القرية الموسيقية، التي تحمل اسم “الهلال والنجمة”.

وخلف الفرقة، يرقص الشباب بأزياء ملونة، وهم يستقلون مركبات يلقون قصاصات الورق على الجمهور من خلالها، مشكلين موكبًا يطوف شوارع وأزقة القرية.

خلال السنوات الماضية، تحوّل الكرنفال الذي يطغى عليه اللونين الأحمر والأبيض، إلى جسر ثقافي وفعالية تقليدية تجمع سكان منطقة والونيا الناطقة بالفرنسية والأتراك المقيمين في أوروبا.

– نشعر بالفخر لانتمائنا إلى القرية التركية

كارين جورج، 75 عامًا، من سكان فايمونفيل، إحدى منظمي الكرنفال، قالت لمراسل “الأناضول”، إن سكان القرية يعتبرون أنفسهم أتراكًا، ويشعرون بالفخر لانتمائهم إلى القرية التركية.

وأضافت: “نحن فخورون بهذا الانتماء. فالتركية تعتبر هوية خاصة بالنسبة لقريتنا. نحن نعتبر أنفسنا أتراكًا، ونحرص على التعريف بقريتنا على أنها قرية تركية”.

وحول سبب تسمية القرية بـ”التركية”، قالت كارين: “هناك قصة قديمة تتحدث عن رفض سكان القرية دفع ضرائب أمرت الكنيسة بجمعها في القرن السادس عشر لمحاربة الدولة العثمانية”.

وأضافت: “في الواقع هناك روايات مختلفة تفسر سبب تسمية هذه القرية بالقرية التركية. لكن أي يكن السبب أستطيع القول إن هذه القرية سمحت لنا بالحفاظ على هويتنا”.

من جهتها، قالت كلسرن أوزان، إحدى المواطنات التركيات اللواتي جئن إلى فايمونفيل للمشاركة في الكرنفال، إنها مهتمة جدًا بثقافة القرية، واصفة فايمونفيل بالقرية الوادعة اللطيفة.

وأضافت كلسرن، التي تقيم في مدينة أنتويرب شمالي بلجيكا، إنها فخورة بوجودها في هذه القرية التركية ذات الهوية التركية.

بدوره، أعرب فرات جال، الذي أتى من مدينة غنت شمالي بلجيكا للمشاركة في الكرنفال، عن دهشته وفخره، مشيرًا أن هذه القرية تصدت للجيش الألماني في الحرب العالمية الثانية، رافعة العلم التركي.

– 3 روايات

وتوجد ثلاث روايات متباينة حول تسمية فايمونفيل بالقرية التركية. الأولى وهي الأكثر شيوعًا، هو رفض سكان القرية إرسال جنود إلى الحروب الصليبية في القرنين الثاني عشر والثالث عشر.

والرواية الثانية هي أن سكان المناطق المجاورة أطلقوا على سكان القرية اسم “الأتراك” لرفض السكان دفع ضرائب أمرت الكنيسة بجمعها في القرن السادس عشر لمحاربة الدولة العثمانية.

وهناك رواية أخرى يذكرها سكان القرية، بأن تمسكهم بالهوية التركية ساهم في التصدي للاحتلال الألماني خلال الحرب العالمية الثانية، ما أدى بهم إلى التشبث بهذه الهوية أكثر.




زر الذهاب إلى الأعلى