أخــبـار مـحـلـيـة

“قضايا وطنية” أثرت على نتائج الانتخابات في تركيا.. أبرزها الصناعات الدفاعية

تثار التساؤلات حول تأثير الصناعات الدفاعية في تركيا، على سلوك الناخب التركي في الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي أجريت الشهر الماضي، وأعيد فيها انتخاب الرئيس رجب طيب أردوغان رئيسا للبلاد لخمس سنوات مقبلة، وحصل فيها “تحالف الجمهور” على أغلبية برلمانية.

وتركزت الحملة الدعائية لـ”تحالف الجمهور” على الإنجازات الوطنية وقضايا الإرهاب والأمن، في الوقت الذي ركز فيه “تحالف الأمة” على الأزمة الاقتصادية ومسألة اللاجئين في البلاد مستغلا وجود نحو 5 ملايين ناخب جديد في رفع شعار “التغيير”.

الخبير الأمني مته يرار، في تقرير مفصل على صحيفة “حرييت“، أكد أن الأصوات القومية هي التي حسمت في الانتخابات، وليست مجموعة مؤيدة لحزب معين.

وأوضح أن هناك بعض المجموعات في تركيا تصور نفسها على أنها “قومية” بطرق مختلفة، فمنها ما تطلق على نفسها “وطنية”، ومنها “القومية”، وأخرى “أتاتوركية”، وتختلف في وجهات نظرها بشأن مشاكل البلاد، ولكن عندما يتعلق الأمر بالقضايا الوطنية فإنها تتغير أولوياتهم بتأثير المشاعر الوطنية بأضعاف تأثير “البصل”.

ونوه إلى أن ردود فعل الناخبين في الانتخابات البلدية، تختلف عن تلك التي في الانتخابات العامة والتي تتعلق بإدارة الدولة، وهناك اعتقاد خاطئ كان لدى البعض بأن ما جرى في انتخابات 2019 المحلية يمكن عكسه في انتخابات 2023 البرلمانية والرئاسية.

وكانت زعيمة حزب الجيد ميرال أكشنار، ذكرت في لقاء تلفزيوني أن التأثير السلبي لحزب الشعوب الديمقراطي في الانتخابات كان أكبر من المتوقع، ولكن هذا التقييم وحده لا يكفي، كما يذكر الخبير الأمني.

وأوضح أنه من الخطأ قراءة أصوات القوميين من منطلق تأثير حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، مشيرا إلى أن هناك العديد من القضايا التي أثرت على توجهاته.

وأبرز هذه القضايا توفر الغاز الطبيعي والنفط، وانتشرت أحاديث تقول إنه يتم الحديث عن اكتشاف النفط والغاز الطبيعي بتركيا قبل كل انتخابات، وأن الغاز الذي تم توزيعه مجانا على المواطنين هو غاز قدمته روسيا لأنقرة في إطار تدخلها بالانتخابات، وأن الغاز المكتشف كان قد تم العثور عليه بنفس المناطق سابقا.

وأوضح الكاتب أن أولئك الذين يصفون أنفسهم بـ”القوميين”، أمضوا  شبابهم وحتى كل حياتهم في الاستماع إلى “نظريات المؤامرة” المتعلقة بالطاقة.

ومن ضمن “نظريات المؤامرة”، أن تركيا تقع على بحر من النفط، وأن الآبار التي عثر عليها من الشركات الأجنبية صب عليها الخرسانة، وأن هناك مواد سرية تتعلق بالمناجم في اتفاقية لوزان، وأن الاتفاقية ستكون منتهية في نهاية المئة عام على توقيعها، وأن مناجم البورون والثوريوم هي المخرج الوحيد لتركيا.

وتمت كتابة كتب، وإنتاج مسلسلات تلفزيونية وأفلام تتعلق بهذه الأطروحات، بما فيها أن منظمة العمال الكردستاني سيطرت على المناطق الغنية بالنفط وأعاقت أنشطة التنقيب.

ورأى الكاتب أن هذه المسائل أصبحت في الذاكرة المجتمعية، ولم ينظر الناخب إلى الأنشطة المتعلقة بالنفط والغاز الطبيعي على أنها دعاية انتخابية، على العكس فإنه اعتبرها صراعا ضد الإمبريالية.

وأشار إلى أن قسما كبيرا من المجتمع التركي ينأى بنفسه عن كافة الأنشطة الأمريكية منذ عام 1974، وهناك دعم مجتمعي كبير لكافة الأنشطة لاتي يتم تنفيذها بتركيا لكسر التبعية في الصناعات الدفاعية.

وبغض النظر عن الأيدلوجية التي تحقق الاستقلالية في الصناعات التركية، فإن المجتمع يكافئ الخطوات الوطنية، وقد أثارت الشكوك في خطاب المعارضة خلال الانتخابات وخطابات الأحزاب المؤيدة للتحالف المعارض شكوكا كبيرا في المجتمع بشأن مستقبل صناعات الدفاع، وعليه فقد عانت المعارضة من أكبر عائق بسبب الأخطاء في السلوكيات والخطابات المتعلقة بهذا الشأن، كما يذكر الخبير الأمني.

الحياد في الحرب الأوكرانية الروسية
كما أن الخطاب الغامض للمعارضة في تركيا بشأن السياسة الخارجية، تلاشى أمام إنجازات الحكومة في ليبيا وأذربيجان وقطر والوطن الأزرق وأوكرانيا.

وفي حين أن سياسة الحياد التركية في ما يتعلق بأوكرانيا كانت موضع تقدير من قبل جميع شرائح المجتمع، فإن الأحزاب التي طرحت فجأة فكرة الاصطفاف إلى جانب الولايات المتحدة في هذه الحرب كان لها تأثير صادم، ناهيك عن الخطابات الخاطئة بشأن قره باغ وقضية قبرص من المعارضة.

وأوضح الخبير أن الحساسية تجاه السياسات الأمريكية في تركيا، لا تزال مغيبة لدى بعض الأحزاب، وتظهر بعض استطلاعات الرأي أن نسبة أولئك الذين يعتقدون أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة هي مشكلة “بقاء” لتركيا تبلغ حوالي 80 بالمئة.

وعلى الرغم من الأخطاء التي ارتكبتها حكومة حزب العدالة والتنمية، فإن العمليات الناجحة التي نفذت ضد منظمتي “العمال الكردستاني” و”غولن” في السنوات الأخيرة، أوصلت هذه المنظمات إلى قاع النهاية، وكان لذلك تأثير كبير في مناطق شرق وجنوب شرق الأناضول، وفي جميع أنحاء البلاد.

وأصبحت قضية “الإرهاب” لا تشكل المعضلة الكبرى لدى تركيا، وصورة المعارضة بالتحالف مع حزب الشعوب الديمقراطي كان لها عواقب سياسية، ونتيجة لذلك فقد كان للأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها المعارضة خلال العملية الانتخابية، أثر كبير في تحديد نتيجة الانتخابات.

وقد حاولت المعارضة تحدي الحكومة في المجالات التي تعتقد الحكومة أنها حققت نجاحا كبيرا مثل مكافحة الإرهاب، وصناعات الدفاع، وسياسات الطاقة، وتأثير المخابرات في السياسة الخارجية، باستراتيجية مبنية على “الخطاب الكاذب”.

زر الذهاب إلى الأعلى