مقالات و أراء

قضية الصحفي السعودي خاشقچي هل هي أزمة جديدة لتركيا

أثارني خبر اختفاء الصحفي السعودي المعارض للنظام السعودي جمال خاشقچي عند مراجعته لقنصلية بلاده في إسطنبول، والمتابع لهذا الخبر تصيبه الحيرة لأجل حل هذا اللغز، ولكي يجد الحل عليه ان يجد أجوبة العديد من الاسئلة التي ليس لها جواب على الاقل في الوقت الحاضر، ولنبدأ بطرح هذه الأسئلة التي قد تقودنا الى تحليل صحيح ودقيق، يمكننا بعدها ان نصل الى حل هذا اللغز.

أول هذه الاسئلة واهمها هو: لماذا اختار الخاشقچي المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية دولة تركيا بالذات دون غيرها من البلدان التي تتواجد فيها قنصليات المملكة العربية السعودية مثل بريطانيا أو احدى الدول الاوربية لإكمال أوراق رسمية حسب ادعاء خطيبته؟ وهل يمكن القول بأن الامر قد يكون مدروساً من الجهة التي ارسلته لإحداث أزمة بين تركيا والسعودية وإحداث شرخ في العلاقات بينهما؟ ويعلم الجميع ان العلاقة بين البلدين هي اصلاً تمر بفترة من البرود والفتور على إثر وقوف تركيا الى جانب دولة قطر في أزمتها مع دول الخليج، وجاء في خبر اختفاء الخاشقچي ان خطيبته صرحت قائلة ” وقبل الدخول أعطاني هواتفه، وقال لي سأدخل لاستلام الأوراق وأخرج، وإن حدث شيء اتصلي بـ ياسين أقطاي، مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية التركي، وبجمعية بيت الإعلاميين العرب في تركيا”.

اذن هو يعلم بأنه إذا دخل الى القنصلية فسوف لن يخرج، فهل هو لديه علم أو يوجد من أخبره بأنه سوف لن يخرج؟ وحسب رواية خطيبته ايضاً قالت: ” أحد العاملين في القنصلية خرج إلي وزعم أنه(خاشقچي) خرج مطالبًا مني عدم الانتظار أمام الباب”، وهنا نسأل لماذا يتم اعتقال الخاشقچي اصلاً وهو ليس مطلوب للعدالة؟

وإذا كان هو متهم بجريمة أو جناية في بلده تكون كافية لاعتقاله لماذا لم تستعين القنصلية السعودية برجال الامن التركي لإلقاء القبض عليه واعتقاله وتسفيره الى بلده بشكل أصولي؟ ثم هل يمكن لقنصلية دولة اجنبية احتجاز او سجن شخص من رعاياها داخل القنصلية دون اخبار سلطات البلد المضيف؟ هل يعقل ان يكون موظفي القنصلية السعودية لا يعرفون قوانين البلد المضيف معرضين سمعتها الى هذا المستوى من التعامل مع مواطنيهم؟

كل هذه الأسئلة وغيرها من الاسئلة تقودنا الى التفسير التالي والذي يمكن ان يكون هو الحقيقة أو القريب منها وهو: اتصور ان في هذاالامر لعبة يديرها عقل امريكي وصهيوني وبسيناريو معد لهذا الغرض، وأداته شخص سعودي مقيم في الولايات المتحدة الامريكية، حيث تناقلت وكالات الانباء تصريحات ترامب الأخيرة حول السعودية واعتبار هذه التصريحات بأنها أكبر عملية ابتزاز مالي لأكبر دولة منتجة للنفط، حيث تم الإيعاز الى خاشقچي بأن يقوم بزيارة تركيا وبحجة اكمال أوراق رسمية من القنصلية السعودية، ثم بعد ذلك القيام بدور المخطوف او المختفي في القنصلية لكي تتدخل الولايات المتحدة وتقوم بعملية الوساطة بين تركيا والسعودية، وفي هذا الاتجاه سوف تضرب أمريكا ثلاثة عصافير في آن واحد وهي:

1. إنهاء الازمة التي قد تحصل بين تركيا والسعودية بسبب هذا الحادث، بدخولها كوسيط بين الطرفين، ونتائجه ان تبعد أي تقارب يحصل بين السعودية وتركيا، واتردد تركيا بالوقوف مع السعودية إذا ما حدثت ازمة كبيرة بين السعودية والولايات المتحدة على إثر تصريحات وتهديدات ترامب الأخيرة.

2. ستقوم السعودية بتحويل أموال من عوائدها النفطية الى أمريكا وبأشكال وأسماء مختلفة لكي يستمر الدعم والحماية لها من قبل الامريكان، وبذلك يحقق ترامب تنفيذ تهديداته التي صرح بها علناً.

3. قد تفكر الولايات المتحدة انه بهذا العمل، أي بوساطتها إنهاء الازمة التركية ــ السعودية، قد تحصل على مكسب من الاتراك وهو إطلاق سراح القس برونسون بعد ان عجزت بأطلاق سراحه بطرق واساليب أخرى، وبهذا قد يحقق الرئيس الأمريكي وعوده للأنجيليين بإطلاق سراح القس الأمريكي برونسون.

فهل ياترى سنشهد صفحة أخرى من صفحات الحرب على تركيا والمستهدف فيها هو السيد رجب طيب اردوغان؟ بعد فشل الحرب الاقتصادية التي شنتها الولايات المتحدة ضد تركيا؟، وكيف ستتصرف تركيا أزاء هذا الحادث؟ انني على يقين ان الدولة التركية وماتملك من حكمة القادة ستتصرف بهدوء وروية، وسيتم حل هذه المشكلة بوقت قصير وبأقل ما يمكن من الخسائر، ولن تذعن لابتزاز ترامب مرة أخرى.

 

د. عبد السلام ياسين السعدي –  خاص تركيا الآن

 

 


هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه

زر الذهاب إلى الأعلى