أخــبـار مـحـلـيـة

كيف يمكن أن تؤثر مواقع التواصل الاجتماعي على نتيجة الانتخابات الرئاسية التركية؟

زاد الحديث في الأعوام الأخيرة عن مواقع التواصل الاجتماعي ودورها في تكوين الرأي العام وتحريك الشعوب، وتأثيرها في العملية السياسية، خاصةً في الانتخابات، إذ أصبحت جزءاً مهماً من عملية التواصل السياسي بين المرشحين والناخبين، كما بات استخدامها في الدعاية الانتخابية موضوع جدل ومخاوف لدى المراقبين، في ظل انتشار المعلومات الزائفة والمضللة خلالها، وهو ما يؤثر على سير العملية الانتخابية.

يذكر أن وسائل التواصل الاجتماعي أثرت في مسار العملية الانتخابية في العديد من الدول الأوروبية والأمريكية بشكل واضح، واستخدمت بشكل كبير في الانتخابات الأمريكية في السنوات الأخيرة، إذ يُنسب فوز ترامب في انتخابات 2016 جزئياً إلى نفوذه على مواقع التواصل، وانتشاره الرقمي الهائل، كما استغلها باراك أوباما في حملته الرئاسية للفوز بانتخابات عام 2008، وكذلك كان موقع فيسبوك عاملاً حاسماً في التصويت بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ولأهمية الانتخابات التركية القادمة، فهي أيضاً ليست ببعيدة عن النقاش الدائر عن دور وسائل التواصل الاجتماعي بالتأثير فيها، خاصة في ظل انتشار الخطابات الشعبوية والتجاذب السياسي، إضافة إلى استخدامها من قبل المرشحين في حملاتهم والانتشار الواسع للأتراك عليها.

كيف تؤثر وسائل التواصل على انتخابات تركيا 2023؟

تؤثر منصات التواصل في الانتخابات من طرق وجوانب مختلفة، فبناءً على معلومات المستخدم كالعمر أو الموقع الجغرافي أو الجنس وغيرها، وعلى ما يشاركه ويبديه من إعجاب وإعادة تغريد، تقوم منصات التواصل بإظهار المزيد من المحتوى الذي يتطابق مع تلك المعلومات، وتستطيع من خلال ما يسمى بالخوارزميات التحكم في عرض المحتويات ووصولها للمستخدمين، وهو ما يمكنها من الاستهداف الدقيق لمجموعات سكانية أو فئات معينة.

لذلك تقوم الحملات الانتخابية بالدفع لهذه المنصات من أجل عمل الإعلانات وتوجيهها نحو الناخبين المحتملين، ومنصات التواصل هنا مثل غيرها من تقنيات التواصل تخضع لنوايا المصمم، فتستخدم بنوايا حسنة في الدعاية والترويج الإيجابي، أو في التشهير ونشر المعلومات المضللة.

هناك أيضاً ما أصبح يعرف بغرف صدى الصوت، وهي امتداد للخوارزميات، وتقوم فيها المنصات بتعزيز المعتقدات القائمة عند المستخدمين، بحيث لا يرى المستخدم من المحتويات إلا ما يوافق هواه، وكأنه يستمع إلى صدى صوته عندما يتكلم الآخرون، ويكون في معزل عن الآراء المغايرة أو المخالفة، وهو ما يؤثر على المستخدم في توجهاته ومعتقداته.

أما البيانات، والتي من خلال جمعها بكميات ضخمة من المشتركين على المنصات تستخدم لإجراء تحليلات انتخابية، وعمل تنبؤات محسوبة إحصائياً، حول أنواع الإعلانات التي قد تروق للفئات المختلفة.

وسائل التواصل من جوانبها الإيجابية تُستخدم كأداة لدعم المشاركة السياسية والتعرف على الحملات والبرامج الانتخابية للمرشحين، والوصول إلى المعلومات حول الانتخابات، وأداة لحشد الناخبين وكسب تأييدهم، ومن ثم القدرة على التأثير على الجمهور، كما أنها منتدى مفتوح للمناقشات حول مختلف القضايا والتفاعل المتبادل.

شريحة الناخبين والانتخابات التركية

بالنسبة لاستخدام مواقع التواصل في الحملات والحشد فتزداد أهميتها في هذه الانتخابات في تركيا، وذلك لوجود 13 مليون ناخب من الشباب، منهم 6 ملايين ينتخبون لأول مرة، يتميزون بقدرتهم على استخدام التكنولوجيا، وربما يكونون مفتاح الحسم في الانتخابات كما يتوقع البعض.

هذا دفع المرشحين والأحزاب السياسية إلى استخدامها بشكل مكثف في دعايتهم الانتخابية، وعمل محتوى سياسي عليها، يستهدف الشباب على وجه الخصوص، إدراكاً منهم لأهمية تغيير الوسائل ولغة الخطاب لكسب أصواتهم.

في هذا الإطار قام رؤساء أحزاب بإنشاء حسابات على المواقع المختلفة، مثل إنستغرام وتويتر وتيك توك، وكان منهم الرئيس التركي، الذي أنشأ حساباً له مؤخراً على موقع تيك توك.

في ظل التجاذب السياسي وانتشار الشعبوية والأفكار العنصرية، يستخدم البعض الآخر المنصات في نشر الأفكار العنصرية والمعادية للاجئين والصراعات الحزبية، كما يفعل رئيس حزب الظفر “أوميت أوزداغ” على سبيل المثال، والذي يتابع حسابه على تويتر 2 مليون شخص، وأحدث حالةً واسعة من الجدل داخل الساحة السياسية، ويتركز خطابه على معاداة اللاجئين، وينشر العديد من المعلومات المضللة والمغلوطة.

وهناك حادث الزلزال المدمر، الذي زاد من أهمية وسائل التواصل في الحملات الانتخابية والحشد، في ظل انخفاض التجمعات المزدحمة في المدن المتضررة، خاصة أن تحالف الجمهور الحاكم في هذا الإطار كان قد قرر إلغاء المهرجانات الكبيرة والحملات الضخمة، والاكتفاء بالتجمعات والتشكيلات المصغرة.

أما بالنسبة للتلاعب بالانتخابات والتأثير عليها عن طريق منصات التواصل، فهناك مخاوف حول هذا الأمر، وهناك سوابق لها، غير أنها لم تكن في استحقاق انتخابي، عندما قامت روسيا بإثارة البلبلة وعدم اليقين، كما جاء في تقرير لمؤسسة الأبحاث الأمريكية راند، عن طريق خلق العديد من الروايات المتناقضة في أزمة إسقاط الطائرة الحربية الروسية عام 2015م، في تركيا، وذلك بتقنيات التلاعب بالمعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

في الأسابيع الأخيرة، في دراسة أجرتها صحيفة صباح التركية، على تحليل التغريدات، تبيّن أن خوارزمية تويتر تعزز من منشورات متعاطفة مع حزب العمال الكردستاني وجماعة فتح الله غولن، بينما تحجب عن عمد منشورات لمؤيدي حزب العدالة والتنمية الحاكم، وهو ما أثار مخاوف البعض على العملية الانتخابية وإمكانية التأثير عليها.

وأخيراً يتضح من الآن وجود تأثير لمنصات التواصل على الحالة السياسية والانتخابات في تركيا، وهو ما التفت إليه السياسيون، ودفعهم إلى التفاعل معها واستثمارها، سواء بشكل إيجابي أو سلبي، كما في الحالات التي أوردناها، وتظل أيضاً المخاوف من التلاعب بالانتخابات قائمة، في ظل ما تمثله من أهمية على المستوى المحلي والدولي، وكذلك في ظل انتشار هذا الأسلوب من استغلال منصات التواصل في التلاعب بالانتخابات في دول عديدة حول العالم في الآونة الأخيرة.

زر الذهاب إلى الأعلى