مقالات و أراء

لقد رأينا اللعبة وسنخوض التحدي! إنهم يضعون مخططا قذرا … لماذا تهاجم أمريكا تركيا؟ ولماذا تسير دول الاتحاد الأوروبي في الطريق ذاته؟ ولماذا تمول السعودية والإمارات كل أعدائنا كدولتين محرضتين؟

كنا نحاول الحديث عما يحدث هذه الأيام عندما كنا نقول “يحاولون رسم خريطة من حدود إيران إلى البحر المتوسط. علينا التدخل مهما كلف الأمر، إنها حملة دفاع عن الأناضول”.

ولهذا فإن حركة درع الفرات والتدخل في عفرين تعتبران أكبر حملتين جيوسياسيتين تقوم بهما تركيا بعد عملية قبرص. لقد أغلقت بوابة البحر المتوسط من ذلك الممر، كما أغلقت بوابته الشرقية من خلال عملية “المخلب” والعمليات التي سبقتها.

إنها حملة دفاع عن تركيا والأناضول

والآن يجب التخلص من الحشود التي تحشدها الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية والإمارات في مركز ذلك الممر، وكذلك الجبهة التي أقاموها ومواقع الهجوم التي تستهدف تركيا؛ إذ إن هذا يعتبر ضرورة حتمية من أجل وطننا ومستقبلنا وإفشال مسودات الخرائط التي وضعوها لمنطقتنا. إنها حملة دفاع عن تركيا والأناضول

إنهم يرسمون بعد مائة عام خرائط جديدة تتضمن كذلك أراضي تركيا، وينفذون سيناريوهات تقسم بلدان المنطقة إلى ثلاث أو أربع دويلات. فالذين حاولوا فصل إسطنبول ومرمرة ليلة 15 يوليو والذين يسعون لفصل منطقة جنوب شرق الأناضول منذ 40 عاما من خلال بي كا كا والذين مزقوا سوريا والعراق ويحاولون إقامة جبهة تركيا، إنهم قوى تنتسب إلى العقلية والإرادة ذاتها..

وإن الكفاح الذي خضناه قبل قرن في قناة السويس واليمن وفلسطين وسوريا ولبنان هو الكفاح ذاته الذي نخوضه اليوم.

تركيا تحاصر!

يحاولون كسر شوكة مقاومتنا من الداخل

إننا اليوم أمام صورة طبق الأصل من الهجمات التي نفذها أعداؤنا قبل قرن من الزمان، لكن اليوم من ينفذها هم الذين يحشدون قواتهم في شرق المتوسط ويحاصرون جمهورية شمال قبرص التركية من كل جانب ويريدون حصار تركيا من ناحية المتوسط وإيجة ويرغبون في منعها من امتلاك صواريخ إس-400 لنزع قدرتها على الدفاع جوا، بل إنهم عندما فشلوا في ذلك فرضوا العقوبات ونظموا صفوف المعارضة التي لن تعترض على نظام الوصاية في الداخل من أجل كسر شوكة مقاومة تركيا الأبية.

لقد اتضح اليوم أكثر الحكمة من الدفاع عن بلدنا ومنطقتنا عندنا نفذنا عملية قبرص عام 1974. والآن فإنهم يحشدون قواتهم من جديد حول قبرص. فهم لا يحاصرون جمهورية شمال قبرص التركية، بل يحاصرون تركيا من الجنوب والغرب. فتركيا هي التي يريدون كسر شوكة مقاومتها من الداخل وحول محيطها. إنها ليست قضية حزب العدالة والتنمية أو المعارضة، بل إنها مرحلة جديدة من مراحل المقاومة التي يخوضها هذا الشعب منذ عدة قرون.

لم نفعل لهم شيئا، بل هم الذين يهاجموننا

السبب؟ اسألوهم هم

لماذا تهاجم أمريكا تركيا؟ ولماذا تسير دول الاتحاد الأوروبي في الطريق ذاته؟ ولماذا تمول السعودية والإمارات كل أعدائنا كدولتين محرضتين؟

لماذا يحشدون قوات عسكرية في بلغاريا واليونان ورومانيا؟ لماذا يدججون جزر بحر إيجة بقاذفات الصواريخ؟ لماذا يجهزون شمال سوريا كجبهة قتال ضد تركيا.

لماذا تحشد كل دول المنطقة والدول الغربية عناصرها في شرق المتوسط؟ لماذا يريدون جعل تركيا منعزلة وحيدة؟

لماذا؟

إن أخطاءنا ليست سببا لأي مما سردته، بل إن سببه هو وقاحتهم وعدوانيتهم وجشعهم. يجب ألا يبحث أحد عن حجة بالداخل، بل عليه الانتباه للعدو والتهديد الحقيقي!

إنهم يروجون للعبة قذرة وخطيرة للغاية

وهل حرمنا من امتلاك ذاكرة تاريخية؟ أليست لدينا معلومات عن هذه المنطقة؟ ألا نتابع أبدا الصراعات بين القوى العالمية؟ فلنفترض أن كل هذا غير موجود، ألا تحكي لنا شيئا تلك التحركات العسكرية التي تشهدها مناطق شرق المتوسط وشمال سوريا وبحر إيجة والبلقان منذ عام؟

تابعوا ما حدث أمس في بحر عمان ومحيط الخليج العربي. لقد أصبحت ناقلات النفط تستهدف بالطوربيدات، وصارت السفن تغرق، وأضحت الدول تستعد للحرب. إنهم يلعبون لعبة في غاية القذارة والخطورة. فكل هجوم يحدث ستكون له أبعاد تطال كل الدول من أمريكا حتى إسرائيل، ومن روسيا حتى الصين، ومن الإمارات حتى الاتحاد الأوروبي واليابان.

يجب الاستعداد لدفاع استثنائي!

كل البحار والخلجان ستشتعل..

إنهم يفعلون كل ما بوسعهم لإشعال فتيل حرب بين السعودية والإمارات من جهة وإيران من جهة ثانية، فهم يريدون اندلاع حرب إقليمية جديدة في الشرق الأوسط. وفي الوقت الذي ستدمر فيه حرب كهذه منطقتنا لتتحول مدننا إلى أطلال، فإن الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهم الغربيين سيتابعون هذه الحرب باستمتاع كبير وسيمعنون أكثر في سلب ونهب مقدرات المنطقة.

إن هناك احتمالا في أي لحظة أن تنفجر قنابل تشعل كل خلجان وبحار منطقتنا. وفي ظل هذه الظروف ليس أمام تركيا سوى الاستعداد لحملة دفاعية استثنائية وتضامن وطني بين كل أبناء الوطن، فليس لدينا وقت لنضيعه مع حملات تضليل العقول التي تخوضها جبهة المعارضة التي أقاموها في الداخل.

كل الدول والحكومات والملفات والحسابات مطروحة على الطاولة

ليس هناك أي هوية سياسية أسمى من “محور تركيا”

إنهم يصفون حسابات ترجع لقرون مضت. فكل الدول والحكومات والملفات وطرق الحساب مطروحة على الطاولة. فإذا كان الأمر كذلك، فإنه ليس لدى تركيا وقت لتضعيه في الانشغال بالأمور العادية؛ إذ عليها أن تنظر أمامها في الوقت الذي تحدث فيه كل هذه التطورات الاستثنائية، فلا يمكن مراوغتها أبدا من خلال الشائعات والتفاهات.

وإن من يحاول إلهاء تركيا بكل هذه الأمور فهو يتبع أسلوبا تضليلا. ولهذا علينا الانتباه جيدا لأمثال هؤلاء وشركائهم في الداخل وما يحاولون فعله.

ليس هناك أي شيء أسمى من تركيا، وليس هناك أي حساب سياسي أهم من تراب هذا الوطن. كما ليس هناك أي هوية سياسية أسمى من “محور تركيا”.

وماذا تريدون أن يقول الرئيس أكثر مما قال؟!

وبأي طريقة أخرى يمكن الكشف عن التهديد؟!

لقد كانت العبارات التي قالها الرئيس أردوغان مساء أمس عبارات قوية استثنائية تتحدث عن حاضر تركيا والمنطقة ومستقبلهما. فكيف لرئيس دولة أن يتحدث عن الخطر ليوضحه أكثر من ذلك؟ وكيف يمكن أن يوضح موقف دولة أفضل من ذلك؟ من يحاول تفريغ محتوى هذه العبارات ولأي غرض؟ ومن يسعى التشويش عن أهمية هذا الأمر؟

لقد استخدام أردوغان أوضح العبارات للحديث عن أهمية منظومة إس-400 للدفاع عن تركيا وأنه ليست مسألة مطروحة للمساومة، كما تكلم عن مواقف واشنطن العدائية والخطر الذي يهددنا في شرق الفرات والوضع حول جمهورية شمال قبرص التركية وماهية الكفاح الذي تخوضه تركيا. فهذه العبارات هي عبارات مرتبطة بمصير هذا البلد وتاريخه ومستقبله. فكيف يمكن توضيح الأمر أفضل من ذلك؟

إنه كفاح من أجل المنطقة والأناضول وإسطنبول

إننا نمر بمرحلة كفاح شرس، نكافح من أجل المنطقة والأناضول وإسطنبول. ولهذا فإننا ليس أمامنا اليوم أي مهمة أهم من هذه المهمة في الداخل أو الخارج.

يجب تفعيل كل إمكانيات تركيا من أجل المقاومة. فنحن نتعرض لهجوم شامل من كل مكان من الولايات المتحدة وحتى حلف الناتو ودول المنطقة. فهناك تحالف دولي يحاول تجربة كل طريقة للتدخل. فلنجهز جبهاتنا ولنعزز مواقعنا ولنرفع من مستوى تكافتنا ولنتخلص من اللاعبين الصغار الذين في الداخل.

لقد رأينا اللعبة وسنخوض التحدي!

سيظهر للجميع دون أدنى مجهود من أحد أن إرادة هذا البلد التي تصنع التاريخ وترسم ملامح الجغرافيا قوية وقادرة على إفشال كل المخططات، وسيرى العالم كله أن تركيا لا تمثل نفسها وحسب.

إن كل ما يتعلق بالتهديد والدفاع ليس من قبيل البطولية. انظروا إلى تبدل موازين القوى العالمية، انظروا إلى حجم تصفية الحسابات، أحسنوا تقييم قدرات تركيا.

إياكم أن تصغوا لمن يحاولون كسر مقاومتكم وإطفاء شعلة الأمل في قلوبكم.

 

 

ابراهيم قراغول – يني شفق

زر الذهاب إلى الأعلى