مقالات و أراء

لماذا تصر تركيا على شراء منظومة الصواريخ الروسية

 

تتصاعد هذه الأيام التصريحات الشديدة بين تركيا والولايات المتحدة الامريكية حول شراء تركيا منظومة الصواريخ الدفاعية ” أس ـ 400 والتي تجري أنقرة مفاوضات بشأنها مع موسكو، فواشنطن تريد من تركيا ان تتراجع عن المنظومة وإلا ستتوقف عن تسليم الطائرات “أف 35 ” الأمريكية، وفي نفس الوقت تراهن روسيا على إتمام الصفقة حتى ولو بسعر أقل من تكلفتها.

فلماذا تتشبث هذه الأطراف الثلاثة حول هذه الصفقة بالتحديد؟ ولماذا يتنامى القلق الأمريكي بشأن إتمامها؟ وفي نفس الوقت تلوح بعصا العقوبات على أنقرة في حال مضت تركيا فيها التعاون العسكري روسيا.

 

لماذا لن تتراجع تركيا عن الصفقة؟

يبدو أن القرار التركي الخاص بالصفقة ماضٍ في طريقه رغم التصعيد الأمريكي هذه المرة، إذ قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الأربعاء 6 آذار 2019، ” إن بلاده لن تتراجع مطلقاً عن اتفاقها لشراء منظومة إس 400 للدفاع الصاروخي الروسية، مضيفاً أن أنقرة ربما تدرس لاحقاً حيازة منظومة صواريخ إس 500″ في خطوة يمكن ان يكون الهدف منها التصعيد.

اما تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي فقد قالت مراراً وتكراراً إنها ملتزمة بشراء منظومة الدفاع الصاروخية الروسية، وذلك لمماطلة واشنطن بتزويدها بمنظومة دفاعية للجيش ولمدة أكثر من عشر سنوات، ورغم تحذيرات الولايات المتحدة من عدم إمكانية دمج منظومة ” أس ـ400 ” في منظومة الدفاع الجوي التابعة لحلف شمال الأطلسي.

اما الخارجية الأمريكية فقد قالت: إن واشنطن أبلغت تركيا بأنها في حالة شراء أنظمة أس400 فإنه سيتحتم على الولايات المتحدة إعادة تقييم مشاركة أنقرة في برنامج مقاتلات ” أف ـ 35 ” التي تنتجها شركة لوكهيد مارتن.

وفي حديث تلفزيوني قال الرئيس التركي أردوغان: ” إن تراجع تركيا عن اتفاقها مع روسيا سيكون غير أخلاقي “.

وكانت واشنطن قد قالت في وقت سابق إن الاتفاق الخاص بمنظومة إس 400 قد يُهدد عرضها بيع أنظمة صواريخ باتريوت المضادة للصواريخ لأنقرة والتي تبلغ قيمتها 3.5 مليار دولار، كما أن أنقرة قد تتعرض لعقوبات أمريكية. لكن أردوغان قال إن الاتفاق قد تم.

وأضاف أردوغان: ” تم الاتفاق. لا يمكن التراجع أبداً عنه. لن يكون هذا أخلاقياً.. سيكون غير أخلاقي “.

وقال:” إن تركيا لا تزال منفتحة لشراء أنظمة باتريوت من الولايات المتحدة ولكن إذا كانت الشروط مناسبة، وأضاف أن أنقرة قد تسعى لإبرام اتفاق لشراء أنظمة إس 500 من موسكو لاحقاً.

اما وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو فقد قال في وقت سابق يوم الأربعاء إنه يجب على حلفاء تركيا عدم التدخل في شراء أنقرة أنظمة دفاعية من دول غير أعضاء بحلف شمال الأطلسي.

ويمكن القول ان إصرار تركيا على شراء هذه المنظومة من خلال هذه الردود القوية من قبل المسؤولين الأتراك تشير إلى رغبة أنقرة في الاستمرار في هذه الصفقة رغم الغضب الأمريكي لأسباب عديدة، أولها: تريد تركيا أن تحرر من الضغوط الأمريكية لا سيما في مجال التسليح، فأنقرة لا تريد أن تكون رهينة لموافقة المسؤولين الأمريكيين على قرار التسليح الذي سيكون الاعتماد بشكل كامل على الإنتاج المحلي من الخطط الاستراتيجية لتركيا في ظل حكم حزب العدالة والتنمية.

ويجب ان نذكر هنا ان الثقة التركية في الولايات المتحدة تراجعت بشكل كبير منذ محاولة الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا عام 2016، والتي ترى أنقرة المخابرات الأمريكية لها يد في هذه المحاولة، ولعلّ التصريحات التي صدرت من وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري في الساعات الحاسمة ليلة الانقلاب كانت مثيرة بشكل كبير والتي استدعت الرئيس السابق باراك أوباما أن يتدخل فيما بعد ويعتذر عما قاله كيري.

ويأتي هذا القرار ايضاً في إطار المناورات السياسية التي تجريها القيادة التركية، في الوقت الذي تحاول فيه أن تمتلك أوراق ضغط أخرى يمكن ممارستها ضد الإدارة الأمريكية، خاصة في الملف السوري الذي تدعم فيه واشنطن فصيلاً كردياً مسلحاً تعتبره تركيا منظمة إرهابية، وتغضب كثيراً بشأن الدعم الأمريكي له.

 

د.عبد السلام ياسين السعدي  – تركيا الآن

زر الذهاب إلى الأعلى