اقـتصــاديـة

لماذا نجحت الليرة التركية في التحسن دون باقي العملات في الأسواق الناشئة؟

بعد أن كانت الحصان الأسود بين الأسواق الناشئة في يومٍ من الأيام، صارت الليرة التركية ذات العائد المُرتفع عملة الدولة النامية الوحيدة التي ارتفعت قيمتها على مدار الشهر الماضي، مدفوعةً بتغيُّرٍ غير ملحوظ -وحاسم- في سلوك المستثمرين المحليين، بحسب تقرير لوكالة  Bloomberg الأمريكية.

ويبدو أنَّ الأتراك فقدوا شهيتهم للعطاءات الأجنبية، مما أزال عبئاً إضافياً على العملة. وساعد ذلك الليرة في التغلُّب على الهبوط الذي أصاب أقرانها، لترتفع قيمتها بنسبة 4% مقابل الدولار، منذ الثامن من يوليو/تموز.

وبعد أن تكدَّست أكثر من 35 مليار دولار من العملة الصعبة في غضون تسعة أشهر، انتهاءً بشهر يونيو/حزيران، والانخفاض المُضاعف في قيمة العملة الذي مُنِيَت به أوائل العام الجاري؛ ظلَّ صافي حيازات العملة الأجنبية بين المستثمرين المحليين ثابتاً طوال الصيف، بحسب أحدث بيانات البنك المركزي. وفي الأسبوع الماضي، باع المستثمرون ما قيمته حوالي مليار دولار أمريكي، وهي أكبر قيمةٍ خلال أكثر من شهر.

الطريق لحصد المكاسب

وأتى فتور الطلب جزئياً نتيجة تباطؤ الاقتصاد التركي على مدار العام الماضي، مما قلَّص الواردات وضيَّق العجز السنوي في الحساب الجاري للدولة، ليصل إلى أقلِّ معدلاته خلال أكثر من 16 عاماً. ورغم الارتفاع الأخير، ما تزال العملة قريبةً من أدنى مستوياتها منذ عام 2002، بحسب سعر الصرف الحقيقي لليرة، بحسب الوكالة الأمريكية.

تركي يتابع سعر العملة المحلية

والآن، مع الانخفاض الكبير في اعتماد تركيا على التمويل الخارجي، وتباطؤ التضخُّم بشكلٍ حاد، ومع احتمالية دخول دورة تخفيف واضحة للمال على المستوى العالمي؛ أصبح الطريق مُمهَّداً لتحقيق المكاسب.

إذ قالت فونيكس كلان، الخبيرة الاستراتيجية في بنك Société Générale، في مذكرةٍ للعملاء يوم الثلاثاء، إنَّها تتوقع من العملة «المقدرة بأقل من قيمتها» أن تتقدَّم بنسبة 17% إضافية، لتصل قيمتها إلى 4.70 ليرة مقابل الدولار الواحد. وأضافت: «يُزوِّد ملف التضخُّم -المُتحسِّن- الأصول التركية بعوائد حقيقية ما تزال جذابة، رغم سياسة التخفيض الحاد في سعر الفائدة» .

زيادة تباطؤ التضخم

ويجب أن يُساعد تأثير القاعدة القوي والاستقرار الذي اتسمت به العملة مُؤخراً على زيادة تباطؤ التضخُّم، مما سيمنح حاجزاً للمستثمرين القلقين من أن تنامي السيطرة على البنك المركزي ستُمهِّد الطريق أمام تخفيفٍ أقوى من المكفول.

تحسن الليرة التركية

ولم يُؤثِّر قرار مراد أويصال، محافظ البنك المركزي المُعيَّن حديثاً، بخفض سعر الفائد بمقدر 425 نقطة على ارتفاع قيمة العملة. إذ تسارع نمو سعر المستهلك بنسبة 16.65% في يوليو/تموز، لكن هذا الارتفاع ما يزال أقل من أعلى مستوى له في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حين بلغ 25%. وتتوقَّع مجموعة Goldman Sachs Group أن يواصل المعدل انخفاضه وصولاً إلى رقمٍ فردي، في شهر سبتمبر/أيلول، أو أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

وجنت الليرة أرباحاً مُقابل الدولار لليوم الثالث على التوالي، يوم الخميس، وكان تداولها أقوى بمُعدَّل 0.1% عند أعلى مستوى لها منذ أربعة أشهر، إذ بلغت قيمتها 5.4858 مقابل الدولار الواحد في تمام الساعة 2:55 ظهراً داخل إسطنبول، دون الدعم الأساسي لتجاوز قيمة الـ5.50 ليرة مقابل الدولار.

وينصح لويز كوستا، الخبير الاستراتيجي في Citigroup، المستثمرين بشراء تلك العملة مقابل اليورو. وأوضح: «قد تستمر تدفُّقات التجزئة في دعم الليرة مؤقتاً» .

زر الذهاب إلى الأعلى