أخــبـار مـحـلـيـةثقافيةروائع التاريخ العثمانيمـنـوعــات

مؤرخ سوري يُفهرس قرابة الـ5 آلاف مخطوطة “وفاء” للعثمانيين

نجح المؤرّخ السوري “محمود الدغيم” في فهرسة نحو 4703 مخطوطة، شملت كافة أنواع العلوم العربية والإسلامية، من خلال مكتبتين في مدينة إسطنبول، كـ”واجب ووفاء” للعثمانيين.

بدأ الدغيم بفهرسة نحو 2165 مخطوطة في مكتبة السليمانية عام 2008، وضمت الفهرسة نحو 3 مجلدات، احتوت على 2345 صفحة، وتم نشرها عام 2010، تحت عنوان “فهرس المخطوطات العربية والتركية والفارسية في مجموعة السليمانية”.

وفي العام 2010 بدأ المؤرخ السوري، بفهرسة مخطوطات مكتبة “راغب باشا”، وتم نشرها عام 2016، تحت عنوان “فهرس المخطوطات العربية والتركية والفارسية في مكتبة راغب باشا” واحتوت الـ 10 مجلدات على نحو 2538 مخطوطة، ضمّت نحو 6912 صفحة.

ويقول “الدغيم”، في مقابلة مع الأناضول، إن المخطوطات عبارة عن عالم يضم كافة الأنشطة الإنسانية، والحضارة الإسلامية، توراثتها الأجيال في الكتب، ولدينا في إسطنبول نحو ربع مليون مخطوطة، وأكبر المجموعات موجودة في مكتبة السليمانية، التي تضم 164 مجموعة، وكل مجموعة عبارة عن مكتبة، وبعض المجموعات تضم أكثر من 6 آلاف مخطوطة.

وأشار الدغيم إلى أن هذا التراث اهتم به السلطان عبد الحميد (1876- 1909)، وفي زمانه طبع أكثر من 50 دفتراً، تلك الدفاتر احتوت على فهارس باسم المؤلف واسم الكتاب، لكنها لا تفي بالغرض، وليست فهارس وصفية تحليلية، وبعد ذلك عملت تركيا على مشروع وقاموا بطباعة نحو 30 دفتراً ثم توقفوا لأنه لم ينجح.

وحول أسباب اهتمامه بمكتبة السليمانية، أوضح بالقول “اهتمامي بفهرسة مكتبة السلطان سليمان القانوني (1520- 1566) مهم جداً بالنسبة لي، لأنه هو الذي أنقذ العالم من التحالف الصليبي الصفوي، وهو الذي خاض 13 غزوة في سبيل الله”.

ويضيف أنه في مكتبة السليمانية عمل لمدة سنتين، والنتيجة كانت عبارة عن 2165 مخطوطة.

ويشير المؤرخ السوري، والذي يحمل الجنسية التركية، إلى أنه “منذ قدومي إلى تركيا عام 1983، كنت أزور مكتبة السليمانية بشكل دوري، وكنت أطالع المخطوطات وأكتب بعض الملاحظات، وبعد 21 سنة من ذلك التاريخ قمت بفهرسة المكتبة السليمانية الأم”.

ويرى أنه في هذا الفهرس يوجد شيء جديد غير موجود في عالم الفهرسة، وهو وضع “DVD” داخل الفهرس، ويضم نحو 15 ألف صورة من المخطوطات الجميلة التي تحتفظ بها مكتبة السليمانية.

وفيما يتعلق بمكتبة “راغب باشا”، العالم العثماني، الذي خدم كوالي في الرقة ودمشق وحلب ومصر، يقول “الدغيم”: وجدنا له نحو 22 كتاباً، وحينما كان في تلك الولايات الإسلامية كان يجمع العلماء معه وجاء بهم إلى مكتبة السليمانية للاطلاع على المخطوطات.

وبين أن مكتبة “راغب باشا” تضم كتباً نادرة كتبت خصيصاً لها، ولذلك قررت أن أفهرسها بطريقة تحليلية، من خلال 10 مجلدات، ونحن في هذه الأعمال نتيح للقارئ بأن يطّلع بنفسه على مثل هذه المخطوطات، وكل مخطوطة مرّ عليها أكثر من 900 سنة قمنا بتصويرها.

ويحتوي المجلد الثاني في فهرس “راغب باشا” على مقدمة بـ 15 لغة، وتشغل (120) صفحة، وبينها اللغات التركية والصينية والفارسية، بالإضافة إلى اللغة الأم العربية.

وحول تراث المخطوطات الموجود في تركيا، رأى الدغيم أنه إنساني بالدرجة الأولى، ولذلك من باب الواجب والوفاء علينا أحفاد العثمانيين، تلك الدولة التي حفظت الدين وتراثه وطوروته لمدة 700 سنة، الاهتمام بالفهرسة لكي لا يقال عن تراثنا إنه قديم.

وتابع: ” في مخطوطات مكتبة راغب باشا، أضفت في كل هوامش الصفحات اسم المؤلف والكتاب باللغة التركية، وهذا شيء جديد نوعاً ما، بالنسبة إلى مخطوطات مكتبة السليمانية التي سبقتها، وذلك بهدف أن يستفيد الباحث التركي من هذه المخطوطات”.

ويشير إلى أن المخطوطات باللغة العربية تقدر بنحو 80%، و15% منها باللغة العثمانية، و5% منها بالفارسية.

ويحتوي المجلد الأول في “فهرس المخطوطات العربية والتركية والفارسية في مكتبة راغب باشا”، على صور قديمة وحديثة للمكتبة، يليها فهرس محتويات المجلدات العشرة.

ويتضمن المجلد الثاني صور مخطوطات بخطوط المؤلفين، وصور المخطوطات المنقولة من خطوط المؤلفين، وغيرها من الصور المهمة.

أما المجلد الثالث فيحتوي على فهرسة مخطوطات القرآن والقراءات والتجويد وتفسير القرآن الكريم وعلومه.

فيما يضم الرابع أصول الحديث النبوي الشريف بالإضافة إلى أصول الفقه الإسلامي.

ويضم المجلد الخامس مخطوطات الفقه الإسلامي والفتاوى والفرائض والمواريث.

ويتضمن المجلد السادس مخطوطات التصوف والمواعظ، والعقائد وعلم الكلام، والحكمة والمنطق، والهيئة والهندسة والحساب.

وفيما يتعلق بالمجلد السابع فيتضمن مخطوطات الطبّ والخواص والكيمياء وسياسة المدن والأخلاق، والسير والتاريخ والجغرافيا، بالإضافة إلى الأدب والشعر والمحاضرات والعروض.

ويشمل المجلد الثامن مخطوطات علم المعاني والبيان وعلم الوضع والاستعارة وآداب البحث والنحو والصرف، وكتب اللغات التركية والعربية والفارسية والمعاجم، أما المجلد التاسع فيحتوي على بقية مخطوطات المجاميع المتنوعة والعلاوات والمتفرقات، أما المجلد العاشر فيحتوي على الكشافات العامّة.

وأُسست المكتبة السليمانية في زمن الخليفة سليمان القانوني العام 1583، داخل قسم خاص من الجامع الذي استمدت اسمها منه، وبلغ عدد المجموعات داخل المكتبة السليمانية إلى الآن 131 مجموعة، منها 117 مجموعة ترجع إلى العهد العثماني.

وتحتل مكتبة السليمانية المرتبة الأولى في تركيا من حيث عدد المخطوطات حيث بلغ عددها نحو 67,359 مخطوطة، إضافة إلى 49,663 كتابًا مطبوعًا من الطبعات النادرة القديمة جدًّا.

وتأسست مكتبة “راغب باشا” سنة 1762، وتتميز بطراز معماري فريد وقاعتها الرئيسية مكساة بكاشي فرفوري مزركش، وتحوي على أكثر من 6000 كتاب.

وتعني كلمة مخطوطات أي وثيقة مكتوبة بخط اليد، سواء كان ما يكتب على أوراق البردي أو الرقوق أو الورق.

يذكر أن محمود الدغيم، ولد في بلدة جرجناز قضاء معرة النعمان بسوريا عام 1949، وهو باحث أكاديمي في مركز الدراسات الإسلامية في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن منذ سنة 1988 وحتى الآن، وله العديد من المؤلفات في مجال الدراسات الإسلامية والتاريخ واللغة العربية.

زر الذهاب إلى الأعلى