أخــبـار مـحـلـيـة

ما المناطق التي تسيطر عليها القوات الكردية شمال سوريا وتسعى تركيا لإقامة حزام أمني فيها؟

منذ يوم الأحد، 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، حيث وقع هجوم إرهابي وسط مدينة إسطنبول، أدى لمقتل 6 أشخاص وجرح 81 آخرين، ترتفع وتيرة التهديدات التركية بشن عملية عسكرية برية شمال سوريا، حيث تقول أنقرة إن الهجوم تم التخطيط له في مدينة عين العرب “كوباني” التي تسيطر عليها الميليشيات الكردية PKK/YPG، وهو ما نفته الأخيرة.

 

 

ومنذ ذلك الحين، تسارعت الحملة المدفعية والجوية التركية على المناطق الواقعة تحت سيطرة القوات الكردية تحت اسم “عملية المخلب- السيف”، أبرزها عين العرب وتل رفعت.

ويهدد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بشن عملية عسكرية في تلك المناطق؛ بهدف إقامة “حزام أمني من الغرب إلى الشرق” على طول الحدود الجنوبية لبلده؛ لاستكمال منطقته الأمنية التي يبلغ عمقها 30 كيلومتراً على طول الحدود الجنوبية، في حين قالت واشنطن إنها لم توافق على العملية التركية.

 

 

ما المناطق التي تهدّد تركيا بشن عملية عسكرية بها شمال سوريا؟

خارطة مناطق الشمال السوري التي تقتسمها القوات الكردية وقوات المعارضة السورية المدعومة من تركيا/ عربي بوست

من أبرز المناطق التي يشير المسؤولون الأتراك إليها، بوصفها هدفاً للعملية البرية المرتقبة لإخلائها من المسلحين الأكراد الموالين لحزب العمال الكردستاني PKK هي منبج وعين العرب “كوباني”، وكذلك تل رفعت.

وتقع هذه المدن الثلاث في ريفي حلب الشمالي والشمالي الشرقي، وتسيطر وحدات “حماية الشعب الكردية” على تل رفعت، فيما تسيطر على منبج وعين العرب ما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تقودها الوحدات الكردية، والتي تعتبرها أنقرة امتداداً لحزب العمال الكردستاني المصنف على لائحة الإرهاب في البلاد.

وتشترط تركيا انسحاب ما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية من منبج وعين العرب وتل رفعت. حيث تتحدث مصادر تركية عن اشتراط أنقرة عودة مؤسسات النظام السوري بديلاً عن “قوات سوريا الديمقراطية”، بما فيها القوات الأمنية وحرس الحدود، لهذه المناطق.

وترى أنقرة أن الوصل الجغرافي بين مناطق “نبع السلام” ومناطق المعارضة السورية شمال حلب، سيساهم في إرساء الاستقرار ووقف الهجمات الكردية الدامية شبه اليومية، وإفساح للمجال أمام تحقيق مشاريع تنمية كبيرة، ما يجعلها مقصداً لمعظم اللاجئين في تركيا، ولا سيما الذين ينتمون إليها، وهو أمر تعتبره أنقرة أولوية بالنسبة لها.

 

وهذه البلدات الاستراتيجية، هي ما تبقى من مناطق غرب الفرات التي تسيطر عليها الميليشيات الكردية، وتستخدمها كممر استراتيجي يراد منه ربط قوات حزب العمال الكردستاني وقوات سوريا الديمقراطية، بدءاً من حدود شمال غرب العراق حتى البحر المتوسط.

 

 

1- مدينة عين العرب “كوباني”

وهي مدينة سورية تقع على بُعد 30 كيلومتراً شرقي نهر الفرات وحوالي 150 كيلومتراً شمال شرق حلب. وتشير إحصائيات غير رسمية إلى أن عدد سكان “عين العرب” أو “كوباني” كما يسميها الأكراد، مع القرى المجاورة لها نحو 200 ألف نسمة.

تعتبر هذه المنطقة استراتيجية بالنسبة للقوات الكردية وحتى تركيا، فقد انتزعتها “قوات سوريا الديموقراطية” من مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية عام 2015 بدعم من الولايات المتحدة، وتهيمن على هذه المنطقة وحدات حماية الشعب الكردية.

وعين العرب هي آخر منطقة تفلت من سيطرة الجيش التركي، المنتشر منذ عام 2019 على طول الحدود في الأراضي السورية، وتقول أنقرة إن هجوم إسطنبول تم التخطيط له في عين العرب، لذلك يجب استهداف هذه المنطقة التي تهدد أمن تركيا.

عناصر من “قوات سوريا الديمقراطية” في كوباني/ رويترز

2- مدينة “تل رفعت”

تقع في ريف حلب الشمالي على بُعد 35 كيلومتراً من مدينة حلب ونحو 15 كيلو متراً من الحدود التركية.

في عام 2018 شنّت تركيا ثاني عملياتها البرية داخل الأراضي السورية وأولى عملياتها التي تستهدف مقاتلي الوحدات الكردية في عفرين، وتمكنت من طردهم والسيطرة على الأخيرة بالتعاون مع فصائل المعارضة السورية.

وانحازت الوحدات الكردية في ذلك الحين إلى منطقة تل رفعت، التي كانت قد انتزعت السيطرة عليها من فصائل المعارضة عام 2016، مستغلة القصف الجوي الروسي الذي كان يستهدفها في ذلك العام، لتصبح تل رفعت معقلاً كبيراً للوحدات الكردية.

ورغم سيطرة القوات التركية على عفرين في عملية “غصن الزيتون”، فإن تل رفعت ظلت جيباً في خاصرة المنطقة بعد أن أخلت روسيا عفرين من جنودها الذين كانوا منتشرين فيها قبل العملية التركية وجمعتهم في تل رفعت، ما شكل ملاذاً للمقاتلين الأكراد.

وطالبت تركيا روسيا مراراً بإخلاء تل رفعت وإعادتها إلى المعارضة السورية، ليتمكن سكانها الذين لجأوا إلى تركيا من العودة إليها، إلا أنها ظلت عصية على التفاهمات.

العلم الأمريكي يرفرف على مركبة عسكرية في ريف منبج ، سوريا في 12 مايو 2018. (رويترز)
العلم الأمريكي يرفرف على مركبة عسكرية في ريف منبج ، سوريا في 12 مايو 2018. (رويترز)

3- مدينة منبج

أما منبج، فهي تقع على بُعد 30 كم غرب نهر الفرات و80 كم من مدينة حلب. وفي يناير/كانون الثاني 2014 سيطر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على المدينة، وفي يونيو/حزيران 2016 شنت “قوات سوريا الديمقراطية” هجوماً عليها من أجل السيطرة على المدينة، تحت غطاء جوي من قوات التحالف الدولي (في غالبيتها أمريكية).

لتسيطر في 12 أغسطس/آب 2016 القوات الكردية على المدينة. وحاولت تركيا الهجوم على منبج من أجل طرد القوات الكردية منها، ولكن الولايات المتحدة الأمريكية منعت ذلك الهجوم عن طريق إرسال مئات من الجنود الأمريكيين إلى الخطوط الأمامية للقتال.

تعتبر منبج لدى تركيا مركز تهديد كبير لمناطق المعارضة المجاورة التي تديرها تركيا، حيث باتت تستهدفها بشكل شبه يومي. وفي أواخر عام 2019، انطلقت عملية “نبع السلام” التركية في مناطق مناطق تل أبيض ورأس العين ومنبج وعين العرب، وقررت حينها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قررت سحب قواتها هناك قبيل العملية، مما جعل تلك المناطق في مرمى الجيش التركي.

وبعد انطلاق “نبع السلام” وسيطرة القوات التركية على تل أبيض ورأس العين عادت التحذيرات الأمريكي بموازاة التحذيرات الروسية إلى الارتفاع، مما دفع أنقرة للانخراط في مفاوضات مع كل من موسكو وواشنطن على حدة نجم عنها اتفاق سوتشي مع روسيا، والذي تعهدت الأخيرة فيه بإخلاء المنطقة الحدودية بعمق 30 كيلومتراً من مقاتلي “قسد”، وكذلك الحال بالنسبة لمنطقتي منبج وتل رفعت، وانتشار قوات النظام في محيط منبج.

وحصلت تركيا على اتفاق مشابه مع الجانب الأمريكي الذي تعهّد بمعالجة المخاوف الأمنية التركية وإخلاء الشريط الحدودي من مقاتلي “قسد”، إلا أن أنقرة تقول إن أياً من تلك التعهدات لم تتحقق، وظلت تلك المناطق بؤر تهديد لتركيا.

زر الذهاب إلى الأعلى