أخبار الهجرة و اللجوء حول العالمالجاليات في تركيا

ما قيمة التعويض المالي الذي سيجري منحه للّاجئين ؟ .. و ما الخيارات المتاحة لهم بعد تفكيك مخيمات تركيا؟

يتسارع تنفيذ القرار بجعل تركيا خالية من المخيمات التي تضمّ اللاجئين السوريين، لكنّ هذا لا يعني إعادتهم إلى سورية، بل دمجهم في المجتمع التركي عبر تقديمات مختلفة تكفل لهم معظم الحقوق

تستمر تركيا في إعادة توزيع اللاجئين السوريين، على بعض المخيمات التي بدأت تتخذ شكل المراكز الصحية ومراكز الإيواء، للمسنين والمرضى، في حين تضع بقية اللاجئين أمام خيارات الانتقال للعيش خارج المخيمات في أيّ ولاية تركية، على أن تساعدهم في دفع إيجار المنزل لمدة عام، أو الانتقال إلى المخيمات المتخصصة، لمن يمتلك العذر بالبقاء، كالأرامل والمرضى والمسنين، بحسب ما تؤكد مصادر تركية لـ”العربي الجديد”.

تفكيك مخيم سروج
بدأت تركيا منذ العام الماضي، بتفكيك بعض مخيمات اللاجئين السوريين، وتوزيع اللاجئين “أصحاب الأعذار الموجبة” بحسب تعبير المصادر التركية، على مخيمات أخرى. فككت تركيا العام الماضي أربعة مخيمات، هي: مرعش ونزيب وسليمان شاه وماردين، لتعلن مديرية الهجرة العامة قبل أيام، إغلاق مخيم سروج في ولاية شانلي أورفة، الذي يقطن فيه نحو 13 ألف لاجئ سوري، وتعطي مهلة تنتهي في 21 يونيو/ حزيران المقبل، لقاطنيه لتدبر أمورهم، مع أخذ “أصحاب الأعذار الموجبة” في الاعتبار. وهكذا تركت حرية الاختيار أمام السوريين بالانتقال إلى مركز آخر، أو إلى منزل مستأجر. وبحسب إعلان مديرية الهجرة العامة الرسمي، ترك مسؤولو المخيم، بالتنسيق مع مديرية الهجرة، حرية الاختيار أمام “الضيوف السوريين” بالانتقال إلى مركز إيواء آخر، أو منزل مقابل حصولهم على مساعدة نقدية تغطي تكاليف الإيجار.

 

يؤكد مختار أحد قطاعات مخيم سروج لـ”العربي الجديد”، أنّ القسم الأكبر من سكان المخيم فضّل الانتقال إلى منازل بالإيجار، وأنهى مسؤولو المركز الأوراق المتعلقة بخروجهم، وما زالت عمليات نقلهم مستمرة إلى عدة مدن مختلفة. وحول ما إذا كان سيجري إغلاق مخيم سروج بالكامل، يؤكد اللاجئ برهان، وهو القائم بأعمال مختار القطاع 15 بالمخيم، أنّ نحو 300 أسرة، ذات أعذار موجبة، كالمرض وكبر السنّ ووفاة الأب، ستبقى في المخيم الآن، في بيوت جاهزة (كرافانات). لكن، بحسب ما يؤكد المسؤولون، فإنّ العام المقبل 2020 سيكون آخر عام للمخيمات، وسيجري تخيير السوريين بين الذهاب للولايات التركية أو العودة إلى سورية.

يشير برهان إلى أنّه يجري اليوم تفريغ معظم قطاعات المخيم، ولم يبقَ غير ستة منها هي: الأول، والثاني، والثالث، والثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر. ولا يزيد عدد قاطنيها عن 2000 لاجئ من أصل نحو 17 ألفاً بقوا في مخيم سروج الذي سيغلق تماماً بعد نحو شهر، وينقل من سيبقى فيه إلى مخيمات أضنة وحران ومرعش، بعدما غادره خلال العام الأخير كثيرون نتيجة دراسة أولادهم، والهجرة إلى خارج تركيا، أو حتى العودة إلى سورية. وعن البدلات المالية التي ستقدمها تركيا لمن يغادر المخيم، يضيف اللاجئ برهان: “تتفاوت قيمة المساعدة المالية بحسب عدد أفراد الأسرة، لكنّها وسطياً تقدر بنحو 6 آلاف ليرة (978 دولاراً أميركياً)، وثمة وعود بتفعيل بطاقة الهلال الأحمر، بنحو مائة ليرة (16.3 دولاراً) للفرد شهرياً، لمن سيغادر إلى منازل مستأجرة.

الدمج هو الهدف
يعتبر مدير الرابطة السورية لحقوق اللاجئين السوريين في تركيا، مضر حماد الأسعد، أنّ ما يشاع عن طرد السوريين ليس صحيحاً، بل ثمة توجه عام لدمج اللاجئين بالمجتمع التركي، بعد سنوات من إقامتهم بالمخيمات وإجادة معظمهم اللغة التركية وبدء ربطهم بالمجتمع عبر دراسة أولادهم وعملهم. يضيف الأسعد لـ”العربي الجديد”، أنّ كثيرين من قاطني المخيمات سابقاً، غادروها إلى أوروبا أو إلى المدن التركية للعمل أو لدراسة الأولاد، وثمة توجه تركي عام بإغلاق المخيمات، لكن على مراحل، مع الإبقاء على مخيم نزيب كمأوى أو مركز صحي للمرضى والمسنين والأشخاص ذوي الإعاقة.

 

وعن التعويض المالي الذي سيجري منحه للّاجئين المغادرين للمخيمات، يشير الأسعد إلى أنه يتراوح ما بين 5 آلاف ليرة (816 دولاراً) و11.500 ليرة (1877 دولاراً) تعطى لمرة واحدة، بواقع: 1730 ليرة (282 دولاراً)، إذا كان اللاجئ وحيداً، وكلما زاد عدد أفراد الأسرة ارتفع المبلغ، فعائلة من شخصين تحصل على 2310 ليرات (377 دولاراً)، وعائلة من ثلاثة أشخاص تحصل على 3460 ليرة (565 دولاراً)، وعائلة من 4 أشخاص 4620 ليرة (754 دولاراً) وخمسة أشخاص 5770 ليرة (942 دولاراً) وصولاً إلى عائلة مؤلفة من عشرة أشخاص، تحصل على 11540 ليرة (1884 دولاراً)، ليتمكن مغادرو المخيم من استئجار منزل. وسيجري منح المبلغ على دفعتين؛ الأولى 70 في المائة منه، تمنح للعائلات قبل انصرافهم من المخيم، والدفعة الثانية بعد استصدار سندات إقامة. كذلك، سيجري تفعيل بطاقة الهلال الأحمر التي تبلغ قيمتها الشهرية نحو ألف ليرة (163 دولاراً) لأصحاب الأسر الكبيرة.

يؤكد الأسعد أنه بعد تفكيك مخيم سروج، وبعده مخيم جيلان بينار الذي يقطنه نحو 30 ألف سوري، يبقى في تركيا نحو 18 مخيماً، أشهرها نزيب وحران وأضنة وفيران شهير ومخيمات أنطاكيا وقرقميش، وجميعها تأوي نحو 200 ألف لاجئ سوري فقط، أي أقل من 6 في المائة من اللاجئين السوريين في تركيا.

لا إعادة للاجئين
بدوره، يؤكد مصدر تركي مسؤول طلب عدم ذكر اسمه، أنّ كلّ ما يُقال عن التضييق على السوريين أو طردهم إلى بلدهم، غير صحيح وعار عن الصحّة، بل إنّ تركيا ملتزمة تجاه اللاجئين، بكلّ ما تستطيع، بالرغم من تراجع المجتمع الدولي عن التزاماته وفي مقدمتها الالتزامات المالية. يضيف لـ”العربي الجديد”، أنّ ثمة توجهاً لضبط النفقات وتوزيع اللاجئين على المخيمات، والأهم فتح المجال أمام “إخواننا السوريين ليعيشوا الظروف الطبيعية مع الأتراك، ولا بدّ من أن يتعلموا اللغة ويندمجوا في المجتمع”.

 

وبحسب آخر إحصاء حصلت عليه “العربي الجديد” للسوريين في تركيا، فقد بلغ عددهم 3.545.293 سورياً، موزعين على معظم الولايات التركية. ويسكن في المخيمات من بينهم 203.300 لاجئ يتوزعون على 21 مخيماً، بما فيها المرشحة للإغلاق قريباً. وهي 4 مخيمات في هاتاي (الإسكندرون) هي هاتاي 1 و2 و3، والإصلاحية، سعتها الإجمالية نحو 18 ألف لاجئ، و3 مخيمات في غازي عينتاب أحدها نزيب، وسعتها الإجمالية 21.298 لاجئاً. وهناك 4 مخيمات في ولاية شانلي أورفة، هي حران وتل أبيض (سليمان شاه) ورأس العين وفيران، سعتها 67.251 لاجئاً. وهناك مخيم سروج ومخيم قرقميش على الحدود مع سورية. وفي كيليس مخيمان هما كيليس 1 و2 سعتهما نحو 21 ألف سوري. وهناك مخيم ماردين وسعته 2339 لاجئاً من بينهم 1269 عراقياً، أما البقية فمن السوريين. وهناك مخيم في مدينة مرعش يسكنه 15.896 سورياً و4709 عراقيين. ومخيم بالعثمانية سعته 13.815 سورياً. ومخيم أديمان سعته 8285 سورياً. ومخيم أضنا سعته 26.865 سورياً. ومخيم ملاطية سعته 9256 سورياً.

تشير الإحصائية إلى أنّ هناك 83.246 تلميذاً سورياً في المخيمات، فيما هناك 381.591 تلميذاً سورياً في مدارس تركيا الحكومية خارج المخيمات، كما أن هناك 9620 تلميذاً سورياً في مدارس مفتوحة على الحدود ومراكز مؤقتة.

طبياً، يتوافر 156 طبيباً تركياً في المخيمات و109 أطباء سوريين، و186 عاملاً طبياً تركياً و137 عاملاً طبياً سورياً.

وكانت تركيا قد شهدت عودة كبيرة للاجئين السوريين إلى المناطق المحررة (شمالي غرب) قبل اندلاع المعارك الأخيرة التي يشنّها النظام السوري وروسيا، على ريفي حماة وإدلب، التي أدّت بحسب آخر الإحصاءات إلى نزوح أكثر من 300 ألف سوري من منازلهم، إلى المزارع والمناطق القريبة من تركيا، وخصوصاً أنّ الحدود التركية مغلقة في وجوههم.

 

وأعلنت إدارة معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا، قبل اندلاع المعارك الأخيرة، عودة 4065 لاجئاً سورياً من تركيا طواعية إلى شمال سورية، بهدف الاستقرار النهائي. وقالت الإدارة، إنّه منذ بداية 2019 حتى الأول من إبريل/ نيسان الماضي عاد 4065 لاجئاً سورياً من تركيا عبر معبر باب السلامة طوعياً، ليصل العدد الإجمالي للسوريين العائدين إلى بلادهم إلى نحو 315 ألف سوري منذ بدء البرنامج في عام 2015. وذلك بهدف الاستقرار النهائي في الشمال السوري الخاضع لسيطرة “الجيش السوري الحر” والجيش التركي، بعد طرد تنظيم “داعش” و”وحدات حماية الشعب الكردي” عقب عمليتي “درع الفرات” و”غصن الزيتون”.

زر الذهاب إلى الأعلى