أخــبـار مـحـلـيـة

ما هي التوقعات من زيارةوزير الخارجية التركي إلى العراق؟

 

يجري وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، زيارة مهمة إلى العراق ما بين 22 و24 أغسطس/ آب الجاري، تشمل بغداد وأربيل.

وتكتسب الزيارة أهمية خاصة لكونها أول زيارة لوزير تركي إلى العراق بعد تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني، وفضلا عن كونها تأتي قبيل الزيارة المرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العراق.

وبعد فيدان، من المتوقع أن يتوجه وزير التجارة التركي عمر بولاد إلى العراق، فيما ستجري زيارة الرئيس أردوغان للعراق بعد هاتين الزيارتين.

إن الزيارات سابقة الذكر إلى العراق تعتبر مهمة أيضاً بالنسبة للرأي العام العراقي، في ظل إفراد وسائل الإعلام العراقية منذ أسابيع مساحة مهمة لمتابعة هذه الزيارات، لاسيما زيارة الرئيس التركي، خاصة أن البلدين يمتلكان مصالح ومخاطر وتهديدات مشتركة، كما أن آليات التعاون التي سيتم إنشاؤها ستشكل دعما مهما لمصالح البلدين.

وفي عام 2008، تم التوقيع في بغداد على 48 مذكرة تفاهم بين البلدين، خلال زيارة الرئيس أردوغان، عندما كان يشغل منصب رئيس الوزراء.

كما تم إنشاء مجلس تعاون استراتيجي رفيع المستوى بين البلدين، لكن هذا المجلس لم يتمكن من العمل بفعالية، بسبب عدم الاستقرار في العراق والتطورات الإقليمية.

وفي هذه المرحلة، نستطيع القول إن الزيارات رفيعة المستوى إلى العراق تشكل أساسا مهمًا لتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين.

– الديناميكيات الأساسية للسياسات التركية تجاه العراق

تشترك تركيا والعراق في حدود يبلغ طولها 378 كيلومترا، ولكن عندما ننظر إلى العلاقات بين البلدين، نجد أن هناك تفاعلاً يتجاوز علاقة الجوار العادية.

يمتلك البلدان قواسم مشتركة في مجالات أبزها التاريخ والثقافة والعلاقات الاجتماعية. ولهذا فإن كل تطور يحدث في المنطقة، وخاصة في العراق، يؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على تركيا.

ومن هذا المنطلق فإن قضايا عديدة تشكل ديناميكيات أساسية للسياسة التركية تجاه العراق، أبرزها تعزيز الاستقرار في العراق، وعدم تهميش أي مجموعة فيه عن الحياة السياسية، وإنتاج حل قائم على الإجماع في القضايا الخلافية.

ومن جملة تلك القضايا أيضا، إنهاء وجود منظمة “بي كي كي” الإرهابية في العراق، وإيصال موارد الطاقة في العراق إلى الأسواق العالمية، وتطوير العلاقات الاقتصادية من خلال عملية إعادة الهيكلة في العراق.

وضمن هذا الإطار، تحاول تركيا تعزيز علاقاتها مع كافة المكونات العراقية.

إن ضعف البنية الإدارية في العراق والصراعات الداخلية في هذا البلد، حالت دون وصول العلاقات الثنائية إلى المستوى المنشود.

ورغم ذلك، لن يكون من الخطأ القول إن الحكومة التي شكلها محمد شياع السوداني بعد أكثر من عام من المفاوضات، خلقت أجواء إيجابية في العراق، وبالتالي فإن جهوده في اتباع سياسة متوازنة في السياسة الخارجية أتاحت للحكومة مجالاً للعمل على المستوى الإقليمي والعالمي وكذلك داخل المنطقة، وهذا ما يعتبر فرصة مهمة لتطوير العلاقات الثنائية بين تركيا والعراق.

– المواضيع الأبرز على جدول الأعمال

تبرز جملة من القضايا التي تمت مناقشتها لسنوات عديدة بين البلدين، والتي ماتزال تشكل عقبة أمام الارتقاء بالعلاقات إلى المستوى المنشود.

وأبرز هذه القضايا تلك التي تتعلق بوجود منظمة “بي كي كي” الإرهابية في العراق، والعمليات العسكرية التركية ضدها، والقضايا التي تتعلق بتقاسم المياه.

وبينما تطالب تركيا بدعم العراق في إنهاء وجود منظمة “بي كي كي” في العراق وإعلان بغداد المنظمة المذكورة منظمة إرهابية، فإن العراق يطالب بدوره بزيادة حصته في نهري الفرات ودجلة، اللذين ينبعان من تركيا ويصبان في العراق.

وهكذا يتم تناول موضوعين مختلفين كما لو أنهما على قدر واحد من المساواة.

ومن المتوقع أن تكون هاتان القضيتان على رأس جدول الأعمال خلال زيارة فيدان للعراق.

ولا بد من الإشارة هنا إلى الخلافات حول بيع النفط العراقي إلى الأسواق الدولية عبر تركيا، والشكوى الذي تقدم بها العراق ضد تركيا أمام محكمة التحكيم الدولية على أساس إبرام أنقرة اتفاق بيع النفط المباشر مع حكومة إقليم كردستان العراق، وقرار المحكمة المتعلق بدفع تركيا تعويضات للعراق.

ونتيجة لهذه الشكوى زادت حدة التوتر بين تركيا والعراق، إلا أنها لم تؤد إلى تدهور العلاقات بسبب النهج الحذر الذي حرص الجانبان على التمسك به.

وفور صدور القرار، أوقفت تركيا تدفق النفط من العراق في 25 مارس/آذار الماضي، على اعتبار أن الخلاف الرئيسي حول تدفق النفط هو بين حكومة الإقليم والحكومة المركزية العراقية.

من جهتها تطالب الحكومة المركزية العراقية بمنحها كافة أموال النفط المستخرج من الإقليم، لهذا تعمد حكومة المركز (بغداد) على خفض الميزانية التي ترسلها إلى حكومة إقليم كردستان.

بدورها، تؤكّد أنقرة على أهمية المصالحة الكاملة بين حكومة الإقليم والحكومة المركزية، واستمرار تدفق النفط عبر تركيا وهذا ما سيجري تناوله خلال زيارة فيدان.

وبالنتيجة، يمكننا القول إن زيارة فيدان تعتبر زيارة تحضيرية قبيل الزيارة المرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العراق.

وفي حال ورود إشارات إيجابية خلال زيارة فيدان، فإن ذلك سوف يعني فتح الآفاق والإمكانيات أمام اتخاذ خطوات ملموسة من شأنها تطوير التعاون بين البلدين، والارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية بين البلدين إلى مستويات أعلى.

——-

** “بيلغاي دومان” منسق دراسات العراق في المركز التركي لدراسات الشرق الأوسط “أورسام”.

** الأفكار والآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن سياسة الأناضول التحريرية.

زر الذهاب إلى الأعلى