أخــبـار مـحـلـيـة

ما هي الفائدة التي ستعود على تركيا من انضمام السويد إلى الناتو؟.. أهداف أنقرة من الموافقة

بعد فترة من الرفض، وافق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على انضمام السويد إلى الناتو (NATO) حلف شمال الأطلسي، وجاءت الموافقة التركية قبل يوم واحد من القمة السنوية للناتو في العاصمة الليتوانية “فيلنيوس”. 

وبعد موافقة تركيا على انضمام السويد للحلف بساعات أعلن مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان أن الرئيس الأمريكي “جو بايدن” سيمضي قُدماً، بالتشاور مع الكونغرس، في صفقة قيمتها 20 مليار دولار من طائرات مقاتلة من طراز F-16، سبق أن قدمت تركيا، في أكتوبر/تشرين الأول 2021، طلباً بها إلى الولايات المتحدة، تشمل شراء 40 مقاتلة من طراز “إف-16 بلوك 70” بالإضافة إلى 79 مجموعة تحديث لطائرات إف-16 التي تمتلكها تركيا بالفعل.

خطوة أنقرة فتحت الباب أمام خطوات أخرى في حلف شمال الأطلسي تشير إلى أن الفترة المقبلة ستصبح السياسة التركية أقرب إلى توجهات الناتو والدول الأعضاء فيه، وهذا سيمنح تركيا موقفاً قوياً داخل الحلف، بحسب تقرير لموقع التحليل السياسي أسباب.

مكاسب تركيا من انضمام السويد

استطاعت السياسة التركية تجاه قضية انضمام السويد إلى عضوية الناتو، بعد مفاوضات عالية المخاطرة امتدت لما يزيد على العام، انتزاع تنازلات ضرورية لأمن تركيا، وفي نفس الوقت تأكيد التزام لأنقرة تجاه التحالف الأطلسي، ووضع حدٍّ لتفاقم العلاقات مع حلفائها. 

وبحسب أسباب حقق “أردوغان” مكاسب جوهرية من وراء قضية انضمام السويد إلى الناتو؛ فمن ناحية استطاع أن يحصل على التزامات من السويد بشأن التطبيق الحازم للتشريعات الجديدة لمكافحة الإرهاب ضد حزب العمال الكردستاني (PKK)، وكذلك استطاع الرئيس التركي أن يحصل على تأكيدات من واشنطن بالمُضي قُدماً في صفقة الطائرات المقاتلة الجديدة والمحدثة من طراز F-16. 

قمة ثلاثية بين ستولتنبرغ وأردوغان وكريسترسون في ليتوانيا انبثق عنها موافقة أنقرة على انضمام السويد لحلف الناتو/ الأناضول

من ناحية أخرى، أكد أردوغان بالخطوة الاستباقية بقبول عضوية السويد في الناتو قبل انعقاد القمة السنوية للحلف، على دور تركيا المحوري في تعزيز الناتو.

لا يعد إعلان أردوغان دعم انضمام السويد إلى الناتو موافقة نهائية؛ إذ يستلزم القرار تصويت البرلمان التركي والذي ستنعقد جلساته بعد فترة الراحة الحالية في أكتوبر/تشرين الأول القادم

يعني هذا أن أردوغان لا يزال يمتلك القدرة على المناورة بعدم تمرير القرار في البرلمان التركي إذا تراجعت أو تباطأت السويد عن الوفاء بالتزاماتها نحو الحد من أنشطة حزب العمال الكردستاني، أو إذا تراجعت الولايات المتحدة عن صفقة الطائرات المقاتلة F-16. 

تمثل صفقة الطائرات المقاتلة F-16 أهمية خاصة لتركيا؛ حيث تمتلك أنقرة ثالث أكبر أسطول من طراز F-16 في العالم، ومع ذلك تحتاج تركيا إلى تجديد وتحديث 79 مقاتلة حالية وكذلك إضافة 40 طائرة جديدة للحفاظ على قدراتها الجوية. 

تعزيز قوة الحلف

وتعد الصفقة تعويضاً معقولاً طالبت به أنقرة عقب استبعادها من برنامج الطائرات المقاتلة F-35، بسبب فرض واشنطن عقوبات على تركيا بعد شراء الأخيرة نظام الدفاع الصاروخي الروسي S-400. 

حصلت أنقرة أيضاً على مكسب دعائي في مسار جهودها للانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي، عبر دفع السويد إلى الإعلان عن دعم الطموحات التركية للانضمام إلى الكتلة؛ حيث تشير التصريحات التركية التي سبقت الموافقة على انضمام السويد إلى الناتو والتي ربطت بين الموقف التركي من الانضمام وبين عضويتها في الاتحاد الأوروبي إلى سعي أنقرة لإعادة ملف عضوية الاتحاد الأوروبي مرة أخرى إلى طاولة المفاوضات مع حلفائها الغربيين، ليس من أجل نيل العضوية التي ما زالت بعيدة المنال، ولكن من أجل تحقيق بعض الخطوات؛ مثل تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي، وإعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة الدخول لدول الشنغن. 

الرئيس الأمريكي جو بايدن مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان/رويترز، أرشيفية

ستستمر أنقرة في سياساتها المتوازنة تجاه الحرب في أوكرانيا، حيث تحافظ على العلاقات التجارية والدبلوماسية والتعاون في بعض الملفات مع روسيا، بينما تواصل دورها مع الناتو لتعزيز الردع في أوروبا ضد التهديدات الروسية. 

وكذلك ستواصل تركيا تقديم دعمها القوي لأوكرانيا، حيث قامت أنقرة منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا بتزويد كييف بطائرات قتالية بدون طيار وأنظمة إطلاق صواريخ ومركبات مدرعة، بالإضافة إلى بناء مصنع للطائرات بدون طيار في أوكرانيا، من المقرر أن يبدأ في الإنتاج عام 2025.

وبحسب أسباب، فإنه على الجانب الآخر؛ يعد انضمام السويد إلى حلف الناتو أحد المكاسب الجيوسياسية الهامة للحلف منذ انتهاء الحرب الباردة؛ إذ إن انضمام عضو جديد قادر على الوفاء بمسؤولياته العسكرية سيؤدي إلى تعزيز القدرة العسكرية للحلف. 

والأهم من ذلك؛ أن السويد التي تمتلك موقعاً جغرافياً حاسماً يسمح للحلف الأطلسي بالسيطرة على المجال الجوي فوق بحر البلطيق، الذي أصبح بحيرة تابعة للناتو، وبالتالي تعزيز الأمن والاستقرار في شمال وسط أوروبا. تمثل هذه واحدة من الخسائر الجيوسياسية الكبيرة التي لحقت بروسيا نتيجة حرب أوكرانيا.

زر الذهاب إلى الأعلى