عـالـمـيـة

مجلس الأمن يفشل في تمرير مشروعي قرارين روسي وفرنسي بشأن حلب

فشل مجلس الأمن الدولي، اليوم السبت، في تمرير مشروعي قرارين تقدمت بهما كل من فرنسا وروسيا بشأن وقف إطلاق النار في مدينة حلب السورية، أحدهما تم رفضه باستخدام حق النقص (الفيتو) من قبل موسكو.

واستخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار الفرنسي، المدعوم من جانب إسبانيا ويلقى تأييد الدول الغربية، والذي كان يدعو إلى وقف إطلاق النار في حلب، وفرض حظر للطيران فوق المدينة، وإيصال المساعدة الإنسانية إلى السكان المحاصرين في الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة بالمدينة.

وهذه هي المرة الخامسة التي تستخدم فيها روسيا “الفيتو” في الشأن السوري منذ عام 2011، كان آخرها عام 2014 والذي دعا إلى محاكمة مجرمي الحرب في سوريا، أمام المحكمة الجنائية الدولية.

ويمنح ميثاق الأمم المتحدة كل من روسيا إلي جانب الولايات المتحدة والصين وفرنسا وبريطانيا بحق استخدام النقض “الفيتو” لعرقلة أي مشروع قرار في المجلس.

وقبل التصويت على مشروع القرار الفرنسي الذي حصل على أغلبية 11 دولة من إجمالي أعضاء مجلس الأمن البالغ عددهم 15، ورفض دولتين (فنزويلا وروسيا) وامتناع دولتين آخريين (أنغولا والصين) عن التصويت، قال وزير الخارجية الفرنسي، جان جاك إيرولت، إن “مصير مدينة حلب وشعبها على المحك اليوم لأن عدم اعتماد مشروع القرار سيعني تقديم هدية للإرهابيين”.

وأشار إيرولت في إفادته إلى أعضاء مجلس الأمن إلى “ضرورة قيام المجتمع الدولي باتخاذ قرارات صعبة حتى لا يفلت مجرمو الحرب من العقاب”، مشددا على أن “من يتواطأ مع النظام السوري عليه أن يتحمل العواقب”.

ولفت الوزير الفرنسي إلى أن بلاده “مدت يديها إلى توفير الشروط اللازمة لتحقيق توافق في الآراء بين جميع الأطراف بهدف وقف ذبح السوريين”.

وأردف قائلا “تحديد المواقع الإرهابية وفصلها كما تطلب روسيا أمر مستحيل طالما استمرت أعمال القصف على حلب”.

واستطرد: “مشروع القرار الفرنسي يحدد الشروط اللازمة لسلام عادل ودائم في سوريا ومكافحة الإرهاب، ونؤكد أن تدمير المستشفيات وتجويع المواطنين يؤدي إلى تعزيز الراديكالية والإرهاب وعلينا وضع حد لذلك الآن وفورا”.

وعقب إخفاق أعضاء المجلس في تمرير مشروع القرار الفرنسي، وصف مندوب بريطانيا الدائم لدى الأمم المتحدة السفير البريطاني ماثيو رايكروفت، استخدام روسيا لحق النقض اليوم لعرقلة القرار الفرنسي “استخفاف بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن”.

وقال السفير البريطاني في إفادته إلى أعضاء المجلس إنه “لا يمكن أن أشكركم على ذلك (قاصدا نظيره الروسي السفير فيتالي تشوركين) إن استخدام روسيا حق النقض اليوم هو بمثابة استخفاف لعضويتها الدائمة بمجلس الأمن”.

وأضاف رايكروفت: “الروس عزلوا أنفسهم ولا عجب في ذلك فهم يدمرون المدارس والمستشفيات ويقتلون المدنيين في حلب “.

في المقابل، أكد السفير الروسي لدى الأمم المتحدة والذي تتولي بلاده الرئاسة الدورية لأعمال مجلس الأمن للشهر الجاري، على ضرورة “امتثال أعضاء المجلس للمسار الإنساني والسياسي وإعادة إطلاق العملية السياسية “.

وأوضح في إفادته إلى أعضاء المجلس قبل التصويت على مشروع القرار “جميعنا ندرك أن مشروع القرار الروسي لن يحظى بالدعم اليوم”.

وأردف قائلا: “بالنسبة إلى مشروع القرار الفرنسي فقد استند إلى الدعاية ومكتوب عليه الفشل (..) إنه يتضمن فرض الحظر على الطيران وهو أمر غير واضح خاصة أن حظر الطيران وفقا لهذا المشروع يمتد إلي غربي حلب وليس إلي شرقي حلب فقط في حين يشتمل مشروع القرار الروسي على الخطوط العريضة لاتفاق 9 سبتمبر لوقف الأعمال العدائية”.

من جهته، شن نائب السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ديفيد بريسمان، هجوماً عنيفاً على السفير الروسي وقال لأعضاء المجلس عقب التصويت على مشروع القرار إن “روسيا و(رئيس النظام السوري) بشار الأسد وراء الفوضى الحالية في حلب ويتعين عليهما وقف قتل الأطفال لأن الإرهاب لا يولد إلا الإرهاب”.

وبعيد استخدام موسكو حق النقض ضد النص الفرنسي، أخفق مجلس الأمن في تمرير مشروع قرار ثاني تقدمت به روسيا يدعو جميع الأطراف إلى وقف إطلاق النار في حلب، إلا أنه لا يتطرق للغارات الجوية التي تشنها الطائرات.

وفشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع القرار الروسي بعد أن حصل فقط على موافقة 4 أعضاء (روسيا والصين وفنزويلا ومصر) ورفض 9 دول وامتناع دولتين آخريين عن التصويت.

ولم يكن القرار الروسي بحاجة إلى استخدام حق النقض من قبل واشنطن أو باريس أو لندن نظراً لأن تمرير القرار في المجلس يتطلب موافقة 9 دول بشرط عدم اعتراض أية دولة من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن البالغ عدد أعضائه 15 دولة.

ووصف السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة، مشروع القرار الروسي بأنه “مشروع قرار للعار ومهزلة”.

وكان ملفتا موقف الصين من القرارين الفرنسي والروسي بشأن حلب، ففي حين امتنعت الصين عن التصويت لصالح القرار الفرنسي وذلك في تباين واضح لموقفها عن روسيا (التي استخدمت حق النقض) قامت بكين بالتصويت لصالح القرار الروسي ووقفت بجانب مصر وفنزويلا وروسيا التي صوتت لصالح القرار.

وقبيل جلسة مجلس الأمن، مساء اليوم السبت، صرح الرئيس الفرنسي، فرانسوا أولاند، بأن الدولة التي تعترض بحق النقض في مجلس الأمن على مشروع قرار بلاده بشأن سوريا “ستفقد مصداقيتها في العالم وتكون مسؤولة عن جميع الانتهاكات”.

وأضاف أولاند في تعليق صحفي بمدينة تول جنوبي فرنسا أن استخدام حق النقض ضد مشروع قرار بلاده حول سوريا في مجلس الأمن سيفتح المجال أم مزيد من الانتهاكات.

وفي 9 سبتمبر/ أيلول الماضي، توصلت واشنطن وموسكو إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا، يقوم على أساس وقف تجريبي لمدة 48 ساعة، ويتكرر بعدها لمرتين، وبعد صموده 7 أيام يبدأ التنسيق التام بين الولايات المتحدة وروسيا في قتال تنظيم “داعش” وجبهة فتح الشام، وشملت الأهداف الأولية للاتفاق السماح بوصول المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة.

ومنذ إعلان النظام السوري انتهاء الهدنة في 19 سبتمبر/ أيلول الماضي، بعد وقف هش لإطلاق النار لم يصمد لأكثر من 7 أيام، تشنّ قواته ومقاتلات روسية، حملة جوية عنيفة متواصلة على أحياء حلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، تسببت بمقتل وإصابة مئات المدنيين، بينهم نساء وأطفال.

وتعاني أحياء حلب الشرقية، الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة، حصاراً برياً من قبل قوات النظام السوري ومليشياته بدعم جوي روسي، منذ أكثر من شهر، وسط شح حاد في المواد الغذائية والمعدات الطبية.

زر الذهاب إلى الأعلى