ثقافيةروائع التاريخ العثماني

مسلسل “عاصمة عبد الحميد” يزيد زوّار قبر السلطان

بعد أن ذاع صيته وتحولت قصته إلى مسلسل نال إعجاب الملايين في العالم، زادت في السنوات الأخيرة الزيارات إلى قبر السلطان العثماني عبد الحميد الثاني (1842-1918) في إسطنبول.

ولد السلطان عبد الحميد الثاني عام 1842 بإسطنبول، وهو الـ 34 من سلاطين الدولة العثمانية، والـ 26 من سلاطين آل عثمان الذين جمعوا بين الخلافة والسلطنة.

وقبل سنوات بث التلفزيون الرسمي التركي (TRT1) مسلسل “عاصمة عبد الحميد” الذي وثق جزءًا من الفترة الأخيرة للدولة العثمانية، وأبرز الأحداث في الأعوام الـ13 الأخيرة (1896-1909) من حياة السلطان عبد الحميد الثاني.

وجسّد دور السلطان الممثل الشهير بولنت إينال، وبث المسلسل على شاشات عشرات الدول وترجم إلى لغات عديدة منها اللغة العربية.

** شخصية

تولى عبد الحميد الثاني الحكم عام 1876، وانتهت فترة حكمه عام 1909، ووضع رهن الإقامة الجبريَّة حتّى وفاته في 10 فبراير/شباط 1918.

وعبر أكثر من قرن من الزمان، كانت شخصية السلطان عبد الحميد الثاني، وعهده الممتد من عام 1876 حتى 1909 مثارا للنقاش المحتدم في الشرق والغرب، جعلت منه في النهاية أكثر خليفة عثماني مُفترى عليه في التاريخ.

وعرف السلطان بأنه “آخر الخلفاء المسلمين الأقوياء”، وأُنجزت في عهده أعمال عديدة في مختلف أقاليم الدولة زادت من وحدة الأمة الإسلامية حينها.

وشهدت فترة حكمه تحولات صناعية وإصلاحات دستورية مهمة، فضلا عن إعادة هيكلة الدولة ومؤسستها، مما وضعه في مواجهة دبلوماسية وعسكرية مع القوى الكبرى الطامعة في أراضي الدولة العثمانية.

ويتّفق مؤرخون كثيرون، على أن عبد الحميد الثاني ناله من التشويه والافتراء ما لم تتعرض له شخصية تاريخية على الإطلاق، فألصقت به تهم الدكتاتورية والجهل والطغيان.

وذكر المؤرخون أن أسباب التجرؤ على السلطان عبد الحميد الثاني، ترجع لتصديه لمساعي السيطرة على فلسطين، والوقوف أمام مطامع الاستعمار الغربي في العالم الإسلامي، فضلا عن مقاومته للصهيونية والماسونية، عبر محاولته توحيد العالم الإسلامي ونشر العلم والقضاء على الفساد الإداري والمالي.

** سكة الحجاز

في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، أنجزت الدولة العثمانية عام 1908 افتتاح الخط الحديدي الحجازي بين دمشق والمدينة المنورة بطول 1322 كم و96 محطة.

طرحت فكرة خط سكة الحديد بشكل جاد في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، لكنها لم تبصر النور بسبب ارتفاع النفقات.

أمر السلطان عبد الحميد الثاني في 2 مايو/أيار 1900، بالبدء في أعمال بناء الخط الحديدي على الفور، وبدأت المرحلة الأولى بربط دمشق الشام بالمدينة المنورة.

وكان مقررا أن يصل الخط في المراحل اللاحقة إلى مكة المكرمة والعقبة وجدة ثم إلى اليمن السعيد، حيث ساعد في تخفيض رحلة الحج من أشهر إلى أيام، وكان الخط من أول الأهداف العسكرية للدول الطامعة بأراضي الدولة العثمانية.

** قبر السلطان

دفن السلطان عبد الحميد الثاني في إسطنبول في مجموعة مقابر سلطانية تضم السلطان مراد الثاني والسلطان عبد العزيز و19 فردا من العائلة السلطانية.

يقع القبر في منطقة السلطان أحمد، على خط الترام الذي يشق المنطقة قرب “تشامبرلي طاش” ويشهد اهتماما سياحيا لافتا.

ومع عرض المسلسل الذي يحكي قصة حياته على شاشات التلفزيون، زاد الاهتمام بزيارة قبر السلطان عبد الحميد الثاني في الآونة الأخيرة، وبات كثير من السياح إضافة للمقيمين يسألون عن مكان قبر السلطان لزيارته والدعاء له، في مشهد يشي بتجسيد الحب لشخصية نجحت الدراما التركية في بعثها من جديد.

تزايَد تفاعل جماهير المسلسل الفني مع شخصية السلطان عبد الحميد بتركيزه على لقطات روحانية مؤثرة نالت استحسان المشاهدين وزادت من نشرهم لمقاطع مختارة منها على وسائل التواصل الاجتماعي.

ونفذت أعمال ترميم في قبر السلطان قبل سنوات بعناية فائقة، حيث يعتبر متحفا أيضا لاحتوائه آثارا وهدايا، منها هدايا من الملك الفرنسي نابليون الثالث، وأخرى من الملكة البريطانية فيكتوريا الأولى.

 

زر الذهاب إلى الأعلى