مقالات و أراء

مظاهرات العراق و أنظار العراقيين الى السيد رجب طيب اردوغان

المظاهرات الأخيرة في العراق، كانت مناسبة جيدة وفرصة أخرى لكشف المواقف الحقيقية لكل الأطراف الداخلية والخارجية، فعلى المستوى المحلي العراقي كشفت هذه المظاهرات أمور عدة منها:

 

  1. انطلاق المظاهرات في المدن العراقية جاء بشكل عفوي من قبل شرائح من الشباب فيهم العاطل عن العمل وفيهم من حملة الشهادات العليا وخريجي الجامعات وفيهم من ضحى بنفسه وتضرر من معارك سابقة ولم يأخذ من حقوقه شيئاً، حيث لا توجد هناك جهة حزبية او سياسية تبنت هذه المظاهرات، كما عكست هذه المظاهرات حالة من التوحد والتفاهم بين كل الطوائف والمذاهب العراقية، فلا تعرف المتظاهر الى أي مذهب ينتمي والى أي طائفة يعود، لقد وحدت هذه المظاهرات كل العراقيين على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم ،الا من ارتضى ان يكون تابعاً لدولة خارجية ويأتمر بأوامرها. 

 

2.كشفت هذه المظاهرات الوجه الحقيقي للأحزاب والجهات المشاركة في العملية السياسية، حيث اختفت اغلب الوجوه الحزبية المشاركة والمستفيدة من هذه العملية، وصمت الكثير منهم وخاصة أولئك الذين هم ممثلي الشعب في البرلمان العراقي، لقد كشفت هذه المظاهرات الوجه الحقيقي لأدعياء الديمقراطية ومن كان يدعي المظلومية من النظام الوطني السابق، وكشفت عن غاياتهم الحقيقية وهي الاستفادة القصوى من خيرات البلد والتنعم بها دون تقديم شيء يذكر لهذا الوطن ولشعبه الذي يعاني من المشاكل والأزمات التي حلت به، وقاموا بتفضيل المصالح الشخصية والحزبية الضيقة على حساب خدمة الوطن والمواطن الذي اوصلهم الى المواقع التي هم فيها.

 

3.اظهرت هذا المظاهرات ارتباط جهات عديدة محسوبة على العملية السياسية وهي بالحقيقة انها تمثل جهات اجنبية عليها، فظهرت هناك فصائل وميليشيات لها ارتباط بجهات خارجية قامت بممارسات ضد هذه المظاهرات، وقامت حتى بعمليات قتل واغتيال وملاحقة الشباب الذين شاركوا لهذه المظاهرات، بل وصل الامر الى إطلاق الرصاص حتى على القوات الأمنية العراقية مما أدى الى استشهاد العديد من هذه القوات، في حين أظهرت هذه الجهات عن تصريحات سابقة بأنها سوف تدافع عن إيران وتقاتل معها في حال حدوث حرب بين إيران وامريكا.

 

  1. كلنا شاهد وسمع ما جرى في هذه المظاهرات من مطالبات المشاركين فيها وردود فعل القوات الأمنية، فلم نشاهد ان أي أحد من المتظاهرين كان يحمل سلاحاً او حتى سكيناً صغيرة، وكل الذي كانوا يحملونه هي الاعلام العراقية، ولكن تم التصدي لهذه المظاهرات بأشكال من العنف والقوة المفرطة، مما يدلل على ان الحكومة والجهات الساندة لها تعودت على مجابهة المظاهرات بالقوة لتخويف الشعب وقبول الامر الواقع وعدم تكرارها، وان الحكومة تدخر قوى ومنها قوى خارجية جاهزة لقمع هذه المظاهرات، ومما يدلل على ان الحكومة في موقف يسوده الفوضى انها لم تصدر أي بيان او  تصريح رسمي يشرح للشعب ما يجري، عدا خطب وكلمات لتهدئة الناس ووعود يعرف أبناء الشعب انه لا يمكن الإيفاء بها.

اما على الصعيد الخارجي واقصد هنا ردود أفعال الدول المجاورة على هذه المظاهرات، وسوف لن اتطرق الى دول جوار العراق جميعها، ولكني سأتحدث هنا ما يهمنا الا وهي دولة تركيا الشقيقة، حيث لدي ملاحظات حول الموقف التركي سأختصره بما يلي:

1.أصدر السفير التركي في بغداد السيد فاتح يلدز تصريحاً جاء فيه ( إن الشعب العراقي نزل إلى الشوارع “بإرادته الذاتية” إلى حد كبير حسب ما يبدو، ودون توجيه من مجموعات سياسية أو دينية، وأنه يتابع عن كثب ما يجري في العاصمة بغداد والمحافظات الجنوبية، وكنا أعلنا منذ اليوم الأول ضرورة ابتعاد مواطنينا عن الأماكن التي تجري فيها الأحداث، وفي اليوم التالي وسعنا نطاق ذلك، وطلبنا عدم السفر إلى العراق، وإن نحو 60 بالمائة من الشعب العراقي دون الـ25 من العمر، مشيرا أن القسم الأكبر من المحتجين من الشباب)، ووفقاً لتصريح السفير، فإن المطالب الأساسية للمتظاهرين تتمثل في (الحصول على خدمات كافية في التعليم والصحة وبقية المجالات، والوصول إلى مزيد من فرص العمل، بعيدا عن المحسوبية والمحاباة الحزبية، ومكافحة الفساد بحزم) هذا ما صرح به السفير التركي ببغداد، وهو تأكيد لما تحدثنا به سابقاً على ان هذه المظاهرات عفوية وتطالب بحقوق ضائعة ومنقوصة للمواطن العراقي.

  1. تتجه انظار العراقيين وخاصة المظلومين منهم والمطالبين بحقوقهم الى الرئيس التركي السيد رجب طيب اردوغان الذي يصرح وباستمرار انه نصير المظلومين في كل مكان، وانا أقول له هاهم المظلومون بجوارك سيد اردوغان، ويعانون من انعدام الخدمات والظلم الكبير الذي وقع عليهم، وان عدداً من هؤلاء المظلومين يعيشون تحت كنفك أي في تركيا هرباً من ظلم الظالمين، وقد سقط شهداء وجرح الكثير ولم نسمع لك صوت او كلمة، وهذا سوف يسجله التاريخ لكم إذا ما وقفتم معهم، ولم ينسى اخوانك في العراق موقفك مع إخوانهم السوريين والفلسطينيين وكل المظلومين من المسلمين وكذلك موقفك مع مسلمي بورما وافريقيا.

اننا نناشد ومن هذا الموقع المبارك الرئيس التركي السيد رجب طيب اردوغان، بأن يكون له موقف لا يقل عن مواقفه السابقة المشرفة تجاه ما يحصل في العراق، ويقول كلمته بنصرة المظلوم والاقتصاص من الظالم، ويبدي النصح لحكام العراق بأن يتقوا الله في شعبهم وبحقوقهم المشروعة، ورغم علمنا بمشاغله الكثيرة وتصديه لما يحاك لتركيا من مؤامرات ودسائس، الا اننا على ثقة تامة بان شعب تركيا وبقيادة الرئيس رجب طيب اردوغان سيجتازون هذه المراحل الحرجة وسيخرجون منتصرين رافعين رؤوسهم ورأس كل مسلم على الكرة الأرضية كما نصر اجدادهم من قبل، ومن الله العون والنصر على الظالمين.

 

الدكتور عبد السلام ياسين السعدي – تركيا الآن

زر الذهاب إلى الأعلى