مقالات و أراء

مقارنة بين الدور التركي في سوريا والدور الإيراني في العراق

من يتابع الاحداث التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط عموماً، وما يحدث في سوريا والعراق خصوصاً، تصبح عنده الصورة واضحة ويرى الفرق الكبير بين دخول تركيا الى الشمال السوري والتدخلات الإيرانية في الشؤون العراقية، حتى يصل الى قناعة ان الفرق بين الاتراك والإيرانيين فرق شاسع، فأول اهداف تركيا هي اعادة اعمار المدن السورية في تلك المنطقة ، في حين ان ايران ستحرق وتدمر المدن العراقية التي خرج فيها متظاهرين يطالبون بحقوق سُلبت منهم لمدة 16 سنة، ومطالبين بتغيير العملية السياسية وإيقاف الفساد الذي استشرى من خلال النظام الفاشل الذي حكم العراق طيلة هذه السنين.      

 فتركيا التي تريد من دخولها إعادة توطين السوريين على ارضهم وفي مدن تقوم بتشييدها، اما الإيرانيين فإنهم سيقومون بتشريد العراقيين وتغيير ديمغرافيتها كما فعلت وتفعل في جرف الصخر ويثرب وسامراء وجلبت اعداداً كبيرة من الباكستانيين والأفغان ولتذيب عروبة العراق وجعله تابع لإيران. تركيا قامت وتقوم بطرد الميليشيات الكردية وليس الشعب الكردي من القرى والمدن في الشمال السوري وبدون ان تدمرها، في حين نرى إيران كيف دمرت وتريد تدمير ما تبقى من المدن والقرى العراقية، وما فعلته الميليشيات التابعة لها في الموصل وصلاح الدين والفلوجة والانبار ليس ببعيد.                         

 

 تركيا بدخولها الى الشمال السوري فهي تسعى بالأساس لحماية أمنها الوطني بطرد كل عناوين الإرهاب الموجود هناك وكما قلنا دون تدمير للمدن والقرى، بل على العكس تماماً حيث قامت بفتح المدارس وطبع مناهجها العربية، كما جاءت تركيا وهي تحمل خرائط لبناء 10 مدن و140 قرية ومئات المساجد والمستشفيات، ولا ينكر احد ان تركيا فتحت أبوابها للجميع وتقاسمت رغيف الخبز مع كل من التجأ اليها، اما ايران فإنها مصرة على هدم المدن وتمزيق المجتمعات العربية والإسلامية، مما يدل على انها تريد ان يكون الجميع تابع وخاضع لها، وهي نوازع الشر التي تمتلكها ولكنها مغطاة بستار المذهب، ومن وراءه ايضاً استغلال ثروات الآخرين وإعادة بناء الإمبراطورية الفارسية دون النظر الى مصالح الاخرين.                        

 

تركيا لم تقم بتزويد المعارضة السورية من عناصر الجيش الوطني الحر الذي رافقها في الدخول الى الشمال السوري بمعدات واسلحة واعتدة لقتل السوريين أو الفتك بهم ولم تطلب من هذه العناصر ان يقضوا على من يعارضهم بالتصفيات الجسدية أو عن طريق القاء قنابل محرمة دولياً، لكن ايران قامت بإسناد الحكومة العراقية التي تقتل أبناء الشعب العراقي المطالب بحقوقه وزودت الحكومة العراقية بكل أنواع القنابل المسيلة للدموع والقنابل التي تحتوي على مواد كيمياوية محرمة دولياً في مشاهد قتل تقشعر لها الابدان، إضافة الى تواجد قادة الحرس الثوري الإيراني في غرف العمليات لأبداء الحلول لفض تلك الاعتصامات وإبقاء الوضع على ما هو عليه من ظلم وجور بحق المواطنين.              

 

تركيا التي دخلت الشمال السوري الغاية والهدف منه اجتماعي وليس عسكري، حيث لم شمل العوائل والعمل من اجل مستقبل الأطفال والشباب الذي بدأوا يشعرون ان لا امل ولا مستقبل لهم وهم يعيشون نازحين لاجئين بين الدول، وقد ظهر جلياً للعيان وخاصة السوريين اهداف تركيا من هذا الدخول، رغم كل التشكيك الذي رافق هذه العملية من قبل النظام السوري والمجموعات المحسوبة عليه، اما في العراق فلازالت الموصل مخطوفة ورهينة بيد الميليشيات التابعة لإيران ، ولم تجري عمليات الاعمار التي كان من المقرر البدء بها رغم مرور عدة سنوات على انتهاء الحرب مع داعش، وكل غاية ايران هي السيطرة على تلك المنطقة ولربط أراضيها بسوريا والوصول الى البحر الأبيض المتوسط . بهذه الاسطر المختصرة حاولت ان أوضح للقارئ الكريم ما فعلته تركيا من اجل السوريين، وما عملته إيران بالعراقيين، وآخر ما يمكن قوله ان تركيا دخلت من اجل الحفاظ على الانسان، وإيران تدخلت من اجل إبادة الانسان.

 

 

الدكتور عبد السلام ياسين السعدي

زر الذهاب إلى الأعلى