عـالـمـيـة

مكافأة لمن يقتل محمد علي .. حقق في أسابيع ما عجزت عنه المعارضة في سنوات

ممثل مغمور صار بين ليلة وضحاها حديث المصريين بمختلف توجهاتهم السياسية، بعد سلسلة فيديوهات بثها عبر هاتفه المحمول عن اتهامات بالفساد تمس قادة في الجيش المصري والرئيس عبد الفتاح السيسي.

وعلى مدار الأيام الماضية، بات الممثل والمقاول المصري محمد علي وجبة رئيسية يقبل عليها المتلهفون لمعرفة المزيد من أسرار وخبايا نظام السيسي، خاصة أنه مقاول عمل لسنوات مع القوات المسلحة المصرية.

وعلى مدار أيام، تصدرت وسوم (هاشتاغات) #ادعم_محمد_علي و#محمد_علي و#محمد_علي_فضحهم موقع تويتر، التي شهدت تفاعلا كبيرا باستخدام الصور والفيديوهات والتعليقات الساخرة من النظام، علاوة على ما حققته فيديوهات مقاول الجيش من ملايين المشاهدات.

التفاعل الكبير مع فيديوهات المقاول المصري دفع وسائل الإعلام المحسوبة على النظام إلى مهاجمة محمد علي بشدة، كما تقدم محامون ببلاغات ضده بتهمة العمل على إسقاط الدولة وتشويه الجيش، في حين خصص رجل أعمال مكافأة مالية لمن يقتله.

ووفق نشطاء ومتابعين، نجح مقاول الجيش -الذي وصف نفسه بالفرعون الصغير – في زيادة تجييش الرأي العام المصري ضد السيسي ونظامه، وهو ما لم تنجح فيه المعارضة المصرية خلال السنوات الست الماضية على اختلاف أطيافها السياسية والثورية والإسلامية.

ولأسباب تبدو مرتبطة بشخصية محمد علي وأدائه، يتلهف مئات الآلاف من المتابعين يوميا على رؤية مقاطعه المصورة، رغم اعتبار أن ما يبثه أمورا سبق الكشف عن مثيلاتها بمستندات ووقائع من قبل الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات (أعلى جهاز رقابي) هشام جنينة، المحبوس حاليا.

المتتبع لمنصات التواصل وفضاء الإعلام الرسمي والمعارض، يجد في محمد علي حجرا حرّك مياه السياسة الراكدة في مصر، بعد أن فرض النظام سيطرته بتعديلات وقوانين ثبتت أركانه، في مقابل هشاشة المعارضة وما تعانيه من انقسامات.

خطاب شعبوي
يرى الناشط السياسي حسام المتيم أن محمد علي نجح بعاملين رئيسيين، الأول يتعلق بطبيعة وشكل وأسلوب الخطاب الجماهيري الشعبوي الذي يتبعه، والذي يناسب الغالبية العظمى من الشعب ويتوافق مع المزاج العام لهم.

وفي حديث للجزيرة نت، يشير المتيم إلى أن حديث محمد علي الشعبوي يمكن اعتباره القيمة المضافة والفارق بينه وبين خطابات أطياف المعارضة المختلفة.

أما معيار النجاح الثاني، بحسب المتيم، فيتعلق بكون محمد علي ينتسب لطبقة من الذين اختلطوا برموز النظام ومعظمهم من العسكريين، وهو ما أعطاه ميزة لنيل المصداقية لدى الشارع ومنحته قبولا مبدئيا لما يقول من معلومات عن حجم الفساد.

ويفسر ذلك بأن اللحظة الراهنة مواتية لظهور نموذج محمد علي حيث وصل الضجر بالناس أشده من إجراءات التقشف ورفع الدعم وارتفاع معدل التضخم وما صحبه من زيادة هائلة في الأسعار، بحسب المتيم.

ونتيجة لذلك، وفقا للمتيم، بات خطاب محمد علي المباشر عن الفساد لدى الطبقة العسكرية الحاكمة بمثابة الشرارة التي أشعلت غضب المصريين وأحاديثهم في كل ما يتعلق بالوضع السياسي والاقتصادي المتأزم. 

معول هدم
متفقا مع المتيم، يؤكد رئيس حزب الأصالة إيهاب شيحة “لا ينكر عاقل أن تأثير فيديوهات محمد علي تتخطى تأثير خطاب المعارضة والرموز السياسية على الرأي العام، والتي لاقت من القبول الشعبي ما لم تستطع المعارضة قاطبة إدراكه”.

ويرى في حديث للجزيرة نت أن “المواطن الذي يرفض المعارضة أكثر من رفضه للنظام، تجاوب بشكل كبير مع هذه الفيديوهات، وشعر أنها تمثله وأن ما فضحه محمد علي أجج الغضب الشعبي بشكل غير مسبوق”.

ويربط شيحة بين توقيت نشر الفيديوهات وانحسار دور المعارضة بشكل كبير، فضلا عن انشغالها بالملاسنات والتشاحنات فيما بينها، وانشغال إعلام السلطة بنفاقها، لتملأ الفيديوهات فراغا لدى الشعب.

كما يشير شيحة إلى أن خروج محمد علي من رحم النظام وتلقائيته وبساطة طرحه وعدم انتمائه السياسي مع ضخامة حجم الفساد، كلها أمور ساعدت في تقبل فيديوهاته شعبيا.

ويتوقع شيحة أن تصبح فيديوهات مقاول الجيش معول هدم لجدار ظلم السلطة، مضيفا “قد يكون تأثيره أكبر إن أحسنت المعارضة استغلال الفيديوهات وتركت مشاحناتها وتفرغت للعمل على تنمية الوعي الشعبي”.

وعن صراعات أجنحة الحكم بمصر، تساءل شيحة “هل محمد علي مدفوع أو مدعوم من جهة ما ليكون جزءا من صراع المؤسسات السيادية على السلطة، أم يعمل بمفرده؟”، مستدركا بالقول “أيا كان فالعبرة بالنتيجة وتأثيره على الشعب وتأجيج حالة الغضب وتوجيهه”.

فقاعة فيسبوكية
لكن في المقابل، حذر آخرون من تحوّل الكابوس الذي يمثله محمد علي للسيسي إلى مجرد فقاعة فيسبوكية، خاصة إذا ما أفرغ كل ما في جعبته وارتكن إلى معارك جانبية.

وفي هذا الصدد، يرى السياسي والمعارض المصري مجدي حمدان أن محمد علي يتجه نحو هذا المصير، لأنه كان ذا مصداقية عندما كان صاحب تلقائية.

وأضاف عبر فيسبوك أنه تحوّل لشخص يحاول اجتذاب المشاعر بطريقة لا تقنع لأنه لم يجد اختيار كلماته ولا مواضع الانتقاد.

زر الذهاب إلى الأعلى