أخــبـار مـحـلـيـة

من الجزائر إلى إسطنبول.. ماهينور أوزدمير تحيي تقليدا عثمانيا(مقال رأي)

 

مرّت علينا في الأشهر الأخيرة أحداث الانتخابات التركية وما صاحبها من سجالات وردود فعل وطنية ودولية.

وبعد الفوز الصعب لحزب العدالة والتنمية على تحالف المعارضة المكون من ستة أحزاب في انتخابات مرت على جولتين، تمت مراسم أداء اليمين للرئيس رجب طيب أردوغان بحضور العديد من رجال الدولة من الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا.

ليأتي بعدها مباشرة الإعلان عن الحكومة التركية الجديدة والتي ضمت أسماء شخصيات قديمة وجديدة ذات كفاءة تتناسب مع مرحلة بناء القرن الجديد للدولة التركية وتحدياتها الإقليمية والدولية.

** ترقية مستحقة

ومن بين هذه الكفاءات نجد اسم وزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية ماهينور أوزدمير، وقد وقع الاختيار عليها بعدما كانت تشغل منصب سفيرة تركيا لدى الجزائر.

طبعًا، هذا المنصب لم يكن الوحيد في سيرتها الذاتية، إذ تعرف بأنها شخصية سياسية ودبلوماسية بلجيكية من أصل تركي.

بدأت مشوارها السياسي نائبة برلمانية في بلجيكا، وكانت أول مسلمة ومحجبة تدخل برلمان البلد الأوروبي.

وبعد انتهاء مسيرتها السياسية في أوروبا، عُيّنت سفيرة تركيا في الجزائر، وقدمت إسهامات كبيرة في تطوير العلاقات بين البلدين خلال فترة ولايتها.

وبالفعل تقدمت العلاقات بين البلدين خلال هذه الفترة في مجموعة متنوعة من المجالات، بما في ذلك التعاون الاقتصادي والعسكري.

وكدليل على هذه التطورات، منحت جامعة إسطنبول التي تعد من أعرق الجامعات التركية، الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون دكتوراه فخرية.

كما منح تبون نفسه وساما بدرجة “جدير” للسيدة ماهينور، نظير ما قدمته من الأعمال لمصلحة البلدين على مدى سنوات عملها بالجزائر.

وبعد هذا النجاح في المهمة التي تولتها كسفيرة تركيا لدى الجزائر، نرى اليوم السيدة ماهينور ترتقي إلى منصب وزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية.

** إحياء تقليد قديم

يذكرنا الارتقاء الذي أحرزته السيدة أوزدمير بحدثين مشابهين في التاريخ العثماني الجزائري.

ففي عهد الدولة العثمانية تمت ترقية رجلين بارزين من أشهر رجال الدولة بعد أن أتموا مهام ناجحة في الجزائر.

ونرى في مقدمة هؤلاء خير الدين بربروس الذي حكم الجزائر في بداية القرن السادس عشر، قبل أن يستدعيه إلى إسطنبول السلطان سليمان القانوني عام 1533.

لتتم ترقيته إلى لقب الباشا ويصبح وزيرا للبحرية العثمانية، أو بما كان يعرف آنذاك بـ”قبطان داريا”، أي قائد القوات البحرية.

بالإضافة إلى ذلك نجد شخصية ثانية برزت خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر وهو حسن باشا جزايرلي.

فعلى الرغم من أنه لم يكن في الأصل من الجزائر، فإن لقب “جزايرلي” اعتبر مناسباً له بسبب خدمته وإنجازاته المتميزة وشهرته التي صنعها في البلد العربي.

وكان حسن باشا رئيسا لسنجق مدينة تلمسان بولاية الجزائر، وبعد مغادرته البلاد حصل على لقب الباشا وأصبح قائداً للبحرية وترقى بعدها إلى منصب صدر أعظم، ما يقابل وقتها منصب رئيس الوزراء.

في الواقع يبدو أن ترقية السيدة ماهينور من سفيرة في الجزائر إلى وزيرة اليوم هو إحياء لهذا التقليد.

ولا شك أنه من الأدلة التي تؤكد التواصل الإيجابي والعلاقات والودية بين البلدين، هو ابتهاج الشعب الجزائري بتعيين السيدة ماهينور وزيرة للأسرة والخدمات الاجتماعية في تركيا.

———-

حبيبة محيدب، باحثة في مرحلة الدكتوراه بقسم التاريخ في جامعة إسطنبول التركية

الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن سياسة الأناضول التحريرية.




زر الذهاب إلى الأعلى