مقالات و أراء

موقع تركيا الاستراتيجي والسياسة التركية

تركيا تشــعر الان بقوتها الإقليمية، ويمكنها القيام بدور إقليمي بعد هذه الفترة من حكم حزب العدالة والتنمية والتي امتدت من عام 2002 ــ 2018، وخاصة بعد ان حققت الإنجازات الكبيرة وأصبحت قوة متزايدة تقــوم بدافع تعزيز مصالحها المختلفة، سواء المتعلقة منها بالأمن أو الأهداف الاستراتيجية أو المكاسب الاقتصادية، فأهمية تركيا الاستراتيجية التي ميزتها عن غيرها من البلدان ناتجة من عدة عناصر يمكن اختصارها بالتالي وهي:

  1. الموقع الجغرافي: بقيت تركيا محتفظة بأهميتها الاستراتيجية نظراً لموقعها الجغرافي المتميز، حيث يعتقد البعض ان تركيا فقدت واحدة من وظائفها التي كانت مناطة بها خلال فترة الحرب الباردة، وشكل هذا الموقع الجغرافي لتركيا قلب المجال الجغرافي للقارات الثلاث، مما يعود اليها بمنافع اقتصادية كبيرة، ويمنحها كذلك مجالاً واسعاً للحركة في بناء النفوذ الإقليمي والدولي.
  2. الأهمية الاقتصادية: تم ادراج الاقتصاد التركي ضمن قوى اقتصادية صاعدة في العالم منها الصين والهند والبرازيل، وجاءت تركيا بعد الصين في النمو الاقتصادي، وتحتل تركيا المركز السادس عشر اقتصادياً في العالم، وقد وضعت تركيا رؤية 2023، كهدف يجب الوصول اليه، حسب ما أوضحه الرئيس رجب طيب أردوغان وتهدف هذه الرؤية  إلى الارتقاء بالاقتصاد التركي ليصل إلى قائمة أعلى 10 اقتصادات على مستوى العالم.

 

3.الاهمية العسكرية: منذ مجيء حزب العدالة والتنمية واستلام السلطة في البلاد، تسعى تركيا لإيجاد نفوذ لها في منطقة الشرق الأوسط، فقوتها العسكرية في استعداد دائم، وصناعاتها العسكرية في تطور دائم، وتساعد طبيعة تركيا على تدريب القوات العسكرية على أنواع القتالات في جميع أنواع الأراضي، مما يجعل تركيا قادرة على التحكم بمضيقي البسفور والدردنيل البحريين ذوي الأهمية الاستراتيجية واللذان يتحكمان في حركة القوات عبر البحرين الأسود والابيض، وكذلك توفر شبكة ضخمة من خطوط المواصلات البرية والبحرية والجوية للقوات المسلحة التركية داخل مسارح العمليات.

  1. الأهمية الثقافية: ان موقع تركيا على خط الفصل بين العالمين الإسلامي والمسيحي، شكل نقطة تقاطع لثقافات متعددة، حيث فيها الثقافة الغربية من جهة الغرب، وثقافة روسيا من جهة الشمال، وثقافة آسيا من جهة الشرق، وثقافة العرب والمسلمين من جهة الجنوب، لذا تعتبر تركيا الجسر الوحيد لكافة الثقافات والأديان، كما لا يمكن تغافل مزج الثقافة الإسلامية الممزوجة بالعلمانية، مما كونت سداً ضد خطر الثقافات الغريبة عليها مثل الشيوعية، ومما ساعد على تكوين الهوية للمجتمع التركي الجديد هو تأثر الدولة التركية بالتيارات القومية والعلمانية وتميل هذه الهوية الى النمط الغربي.
  2. أهمية تركيا بالنسبة من منظور الاتحاد الأوربي: وينبع اهتمام الاتحاد الأوربي بتركيا من عدة جوانب، ففي الجانب السياسي فان تركيا تعتبر الجسر الرئيسي للتحرك السياسي والدبلوماسي للعبور الى دول منطقة الشرق الأوسط وخاصة العربية منها، اما في الجانب الاقتصادي فان اروبا تعتبر تركيا ملتقى القارات الثلاث، وبالتالي فهي معبراً الى دول مناطق وسط وجنوب شرق آسيا، وكذلك تعتبر اوربا تركيا هي المركز المستقبلي للطاقة والممر الوحيد لأنابيب الغاز الطبيعي بين دول آسيا ودول اوربا، إضافة لامتلاك تركيا الثروة المائية الهائلة الجاذبة للدول التي تعاني من الفقر المائي، إضافة الى الأهمية العسكرية لتركيا من منظور الاتحاد الأوربي.

وعلى ضوء حديثنا أعلاه عن موقع تركيا واهميته فقد شرعت حكومات حزب العدالة والتنمية المتعاقبة بإنجاز المشاريع الاستراتيجية، مثل المشروع العملاق لمطار إسطنبول الدولي، وكذلك المشروع العملاق والذي اعتبرته السلطات “ورشة القرن”. الا وهو نفق مرمراي الذي يبلغ طوله 14 كلم، من بينها 4,1 كلم تحت الماء، الرابط بين القارتين المطلتين على البوسفور، وسيكون لهذه المشاريع العملاقة المردود المادي للدولة التركية مما سيزيد من دخل الفرد التركي المؤدي لرفاهيته، وفي تقدير الباحثين والمراقبين فان تركيا ستشهد المزيد من المنجزات الكبيرة التي وعد بها حزب العدالة والتنمية للشعب التركي وهو ما يعمل على تحقيقها بشكل دؤوب ليلاً ونهاراً.

 

د. عبد السلام ياسين السعدي –  خاص تركيا الآن

زر الذهاب إلى الأعلى