أخبار الهجرة و اللجوء حول العالم

هل أخطأ “أبو فلة” في تبني حملة “لنجعل شتاءهم أدفأ”؟

قليل من التريث، قبل أن يندب البعض حظه ويستل خنجر الهجوم على حملة “لنجعل شتاءهم أدفأ” التي شارك فيها اليوتيوبر الكويتي ذائع الصيت حسن سليمان الشهير بـ”أبو فلة” لا سيما بعد تغريدة صفحة “مفوضية اللاجئين” التي أعلنت بمنتهى الوضوح أن نصف المبلغ الذي نجحت الحملة في جمعه والمقدر بـ11 مليون دولار “نصف هذا المبلغ سيخصص لدعم جهود المفوضية للوصول إلى العائلات اللاجئة والنازحة ومساعدتهم خلال الأشهر القادمة”.

 

 

الملاحظ أن الجهة الأممية لم تكلف نفسها عناء تقديم “تفسيرات أكبر”، على الأقل من باب درء كل “الاتهامات” والهجوم الذي كان من المنطقي أن يطالها بعد أن التزمت الصمت حتى حققت الحملة كل “أغراضها” لتكشف عن نيتها الرئيسية وراءها؛ وهنا نتساءل تساؤلاً بريئاً يخطر ببال الجميع: هل كانت نفس الجهة ستنجح في جمع ربع هذا المبلغ لو افتتحت الحملة وحدها بعيداً عن الشاب الكويتي ومتابعيه؟ ولماذا لم تعلن قبل البدء على أنها تعتزم “اقتطاع” نصف المبلغ لتلك “الأغراض” يا تُرى؟

كل هذا يقودنا لما بدأنا به هذا الموضوع، وأقصد أن التركيز على أسماء المشاركين في “المبادرة” وأيضاً مكان انطلاقتها من غرفة زجاجية ببرج خليفة في دبي يجعل الجميع مطالَباً قبل الانخراط فيها ودعمها أن يدرك مليّاً أنها مختلفة كلياً عن الحملة الأولى (تحت اسم “دفي قلوبهم”) التي قادها “أبو فلة” من غرفته في نهاية نوفمبر الماضي ونجح في جمع مليون دولار خلالها عبر بث مباشر امتد لثمانية وعشرين ساعة متتالية.

 

 

بين غرفة أبو فلة ومظلة دبي

وهنا لا بد من الربط بين هذه الخطوة “العفوية” من لدن أبو فلة، الشاب المنبهر بما حققته حملتُه من أصداء واسعة، وبين “العرض الثاني” الذي أشعل حماس “أبو فلة” من أجل كسر أرقام قياسية غير مسبوقة، وطبعاً يظل هدفه نبيلاً، ولا أحد يشك في ذلك على الإطلاق، لكن لماذا لم يبقَ محافظاً على نفس المكان في غرفته بعيداً عن أي “مظلات” أخرى قد تحرف مسار الأشياء نحو غايات أخرى؟

 

والأدهى والأمر أنها ستسلب منه “تلقائيّته” وبساطته المعتادة التي تعتبر جواز سفره نحو قلوب عشاقه الكثر، ألم يكن الأجدر به أن يستشير أحداً من محيطه يكون مصدر ثقة ونصح لشاب في سنه، لا سيما أننا نعيش في وسط مريب لا يتوانى في استغلال المواهب والطاقات تحت سيل جارف من الشعارات الكاذبة والمنمقة؟

شخصياً لست من متابعي الشاب الكويتي ولم أتعرف عليه إلا بعد حملته الأولى التي نالت إعجابي، وتمنيت أن يسير من يسمون بـ”نجوم السوشيال ميديا” على منواله، وأن يحسنوا صورتهم “المهترئة” نوعاً ما عبر تبني قضايا إنسانية يرتقون من خلالها ليكونوا على تماس مباشر مع قضايا المجتمع وهمومه.

 

لكن في نفس الوقت وبالتزامن مع ما نعاينه اليوم بعد حملة “لنجعل شتاءهم أدفأ” حتى بعد محاولات المنظمة في تصحيح خطئها، لا بد من أن نشدد على ضرورة استناد هؤلاء الشباب، مثل أبو فلة، وحتى المراهقين منهم ممن أصبحوا بين ليلة وضحاها “مؤثرين” أو “مشاهير” إلى محيط عائلي محصن وعلى دراية ووعي كاملين بما يحدث من سعي دؤوب لاستقطاب هذه الأسماء واللعب على وتر انتشارها من أجل “استغلالها” لأهداف مختلفة؛ مما سينعكس بالسلب على هؤلاء لاحقاً ليتحولوا إلى أوراق محروقة لاحقاً.

فهل يعي الشباب أو “المؤثرون” ذلك يا ترى أم أن الأضواء وسحرها لا تدع للمرء مجالاً للتفكير ووضع النقاط على الحروف؟

 

زر الذهاب إلى الأعلى