مقالات و أراء

هل أردوغان فعلاً هو حلم المواطن العربي؟

بدايةً أحب ان أهنئكم وجميع الاخوة القراء والمتابعين بمناسبة حلول السنة الجديدة، وأهنئ من خلال موقعكم الشعب التركي الشقيق وفي مقدمته السيد رجب طيب اردوغان رئيس الجمهورية، متمنياً لهم كل التقدم والازدهار وان تكون هذه السنة سنة خير وبركة وامان لكل شعوب المنطقة.

بعد مرور ستة عشر سنة ودخولنا العام السابع عشر من استلام حزب العدالة والتنمية دفة الحكم في تركيا، وقيادة هذا الحزب والدولة من قبل السيد رجب طيب اردوغان الذي أثبتت للعالم أنه شخص ذو حنكة سياسية فذة ، ويمتلك صفات قيادية عديدة إضافة الى القوة ، وقد ساهمت صفات شخصيته القيادية في تعبيد الطريق التركي وتوسعته لينطلق نحو القمة من جديد، مؤكداً بذلك إمكانية تحقيق نظرية الضوء الحر المولود في فضاء الظلام، لقد تحققت فيه شروط الانتماء الوطني وتقديم مصلحة الوطن فوق كل شيء ولتكون منهاج عمل لأي أجندة حكومية ولدت بعد فترة من الرقاد لحكومات تصدرت أجنداتها المصالح الفردية والصفقات المخفية، غير مبالية بأماني وطموحات الشعب، فعاش المواطن لفترة ذليلا يعبد ويُستعبد بصمت وهو مبتسم مريض، ويخشى أن يحفر في الظلام ليخرج الضوء الحر ويشع وسطه الذي هو فيه.

 من هذا المنطلق تحديداً لمعت صورة أردوغان بعيون كل عربي لتجسيده صورة الحلم العربي، وليكون النموذج الذي يحتذى به بالنسبة لنا كعرب طامحين أن نحصل على شخصية تشبه ملامحه تعتنق منهجه الإصلاحي، ولم لا يكون هو نفسه قائدا ومفسرا لذلك الحلم العربي، لإعادة الهيبة العربية والإسلامية المفقودة، خصوصا بعد أن تمكنت إدارته الناجحة على إعادة بريق الدين دون تطرف، واندماج المدنية لتقبل الدين كهوية، وحقق الكثير من مفاهيم الديمقراطية والحرية والتحرر.

أظن أن السيد أردوغان فهم جيدا كل هذه الارهاصات، وبقي المنهج الذي يسير عليه هو بشائر إصلاحيه مستمرة للبنية التحتية، وتبنيه حلولاً طويلة المدى للأخذ بيد الاقتصاد التركي خطوات للأمام، داحرا بذلك فساد وضعف المناهج الأخرى التي ساهمت بقتل الكرامة الوطنية، وفك الاغلال من الديون الخارجية، كما استطاع وببراعة في جذب الأعداء لصفه محققاً بذلك مصلحة وطنية داخلية وخارجية. مجسداً بذلك طموح كل عربي بشخصية تشبه شخصية السيد التركي الأول أردوغان.

نحن كعرب لا يحق لنا تقييم السيد أردوغان ومنهجه لأن هذا شأن تركي بحت، ولكن الذي جعلنا نسعى للخوض في دراسة تفاصيل منهجه هو رمزية ذلك الاسم الذي اصبح مقترناً بإنجازات عظيمة لتركيا والاشادة به في الأوساط الشعبية وكذلك في الأوساط السياسة والثقافية التي اطلقت عليه تسمية (شخصية المنقذ)، ومن يراقب أداء السيد أردوغان عن كثب يدرك طموحه اللامحدود لجعل تركيا أولى الدول المتقدمة وسعة في الفكر والافق، مع تمكنه من إدراك كل الأمور التي تحدث وبكافة تفاصيلها، ويمتلك صرامة في قراراته وخاصة التي تتعلق بالأمن الوطني ،مثل الذي حصل مع من قام بالمحاولة الانقلابية الفاشلة والإجراءات التي اتخذها مما ترك أثراً في نفوس الاتراك وخاصة الذين شهدوا الانقلابات العسكرية وما أدت بالبلاد من مآسي وويلات، فلم يتهاون مع من أراد تحطيم كل المنجزات التي تحققت في تركيا واعادتها الى الوراء لسنين عديدة مهما كانت صفته، مما فسرها البعض على انها نوع من أنواع الديكتاتورية.


نحن كعرب نتمنى ان تكون لدى قياداتنا شيء من جرأة ووطنية السيد رجب طيب اردوغان، لتكسر الزجاجة الضيقة التي حبسوا انفسهم بداخلها منذ عقود ومن المؤكد أن ما دفع العرب لاحترامه هو فقدانهم لذة النجاح الوطني وسط عيشهم سلسلة لا تنتهي من الإخفاقات الوطنية والقومية والتي لا يستشرف نهاية لها في الوقت القريب .

 وأنا على يقين ان هناك الكثير من العرب عربي يتمنون ويتطلعون الى التحالف مع إدارة السيد اردوغان، فهو الوحيد الذي يستطيع اليوم أن يكون جداراً استنادياً يستند عليه وتشتد الحزمة العربية من جديد به، وقد يكون اليوم هو الوقت المناسب للاستفادة من التجربة الأردوغانية ، فالاقتتال العربي والفرقة التي تهدد خريطة الوطن العربي هو الخيار للجوء العرب اليه، ومما لا شك فيه أن السيد أردوغان أصبح حلما عربيا نضاليا بعيون الملايين، رغم انه لم يكن مثالياً ولكن اسمه حُفر في التاريخ وفي النفوس، قد يكون صوتي صغيراً أمام تحليلات الخبراء بهذا الشأن لكنه عل الأقل ينطق بثقة عالية بهذا القائد الكبير.

 

 

د. عبد السلام ياسين السعدي –  خاص تركيا الآن

 



هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه

زر الذهاب إلى الأعلى