مـنـوعــات

هل سألت نفسك: ماذا سيحدث لو توقف الإنترنت بأكمله فجأة؟ سيناريو مُرعب ينتظر العالم

عالم يتوقف فيه الإنترنت فجأةً، من المؤكد أن هناك مسلسلاً تلفزيونياً قيد الإعداد يصوّر لنا هذا العالم. فريق عمل يضم عدداً كبيراً من الأشخاص، مشاهد رائعة، أفكار دقيقة محددة بدرجة تثير الضجر. شخص وسيم من نجوم الصف الثاني يجول في أنحاء البلاد بحثاً عن أطفاله المشاكسين، أو المجموعة الغامضة التي قطعت الإنترنت في المقام الأول، وأناس يصطفون لأميال لتفقد الرسائل النصية، وتندلع أعمال الشغب.

لحُسن الحظ، لا يتعين علينا الانتظار حتى يصور ويُعرض هذا المسلسل لتتكون لدينا فكرة جيدة حول ما قد تبدو عليه نهاية الإنترنت، وإليكم إجابات عدد من الخبراء لموقع Gizmodo الأمريكي حول تصوراتهم لهذا الأمر.

توقف الإنترنت على مستوى العالم

– في تصورها الخاص، تقول الباحثة في علوم الاتصال فرانشيسكا موسياني إن المركبات ذاتية القيادة ستتوقف في مكانها في الحال تقريباً. وعلى الطرق السريعة لن يعود بالإمكان لأي مركبة المرور من البوابات الإلكترونية، ما سيؤدي إلى اختناقات مرورية هائلة.

– في الشوارع، ينظر عدد لا يحصى من المارة إلى أجهزة اتصالاتهم الفارغة، فيما يشهدون العديد من حوادث تحطم الطائرات البريدية أو غيرها من طائرات توصيل الطلبات المسيرة.

– وسيؤدي انقطاع الاتصال عن البائعين والصرافين الآليين بالكامل، إلى الإغلاق السريع للمحلات التجارية والمتاجر الضخمة التي تعتمد عليهم اعتماداً كلياً. وفي كل الأحوال، لن يتمكن المجتمع الذي كفّ عن التعاملات النقدية ويعتمد على الدفع إلكترونياً من معرفة الطريقة التي يسدد بها ثمن مشترياته.

– ستنقطع الكهرباء عن مساحات هائلة؛ لأن الشركات التي تقدم الخدمة لن تعود قادرة على تلقي المعلومات بصورة صحيحة من مستشعراتها على شبكة الكهرباء وفي منازل المواطنين، ولن يعود بإمكانها إدارة إمدادات العديد من المناطق بالكفاءة اللازمة.

– وسيتعطل الإنتاج الصناعي بأكمله تقريباً في جميع أنحاء العالم. وستوقف المراكز المالية على الفور جميع عملياتها، وستلغي جميع الطلبات قيد التنفيذ حينها.. وهلمّ جراً.

في أي عام سيحدث كل هذا؟ 

– تقول فرانشيسكا موسياني، تطبيقاً «للتجربة الفكرية»، فإن الإجابة ستكون في نطاق عام 2030، في ما يُرجَّح أن يكون عصر انتشار إنترنت الأشياء. في مثل هذا السيناريو، عندما يتوقف الإنترنت على مستوى العالم، وتنقطع بشكل مفاجئ أغلب الاتصالات الرقمية، فإن ما نعتبره اليوم «اتصالات» (الكتابة، والدردشة، والتحدث عن طريق الأدوات الرقمية) ليس سوى جزء صغير من المشكلة.

– فقد لا يقع هذا السيناريو بحذافيره عام 2030 بالطبع. إذ من المرجح في الواقع أن الإنترنت سيكون أكثر انتشاراً مما هو عليه اليوم، وسيمتد إلى العديد من الأشياء في حياتنا اليومية والبنى التحتية الأساسية التي تنظم مجتمعاتنا، لكن الكثير من التكنولوجيا التي ذكرتها قد لا تكون بدرجة كبيرة التكنولوجيا التي نتصورها ونتعامل معها في الوقت الحاضر. ومع ذلك، هناك فكرة تبدو أنها واضحة: وهي أن المدى الذي ستمتد إليه البنية التحتية للإنترنت والجهات التي تديره آخذين في التوسع.

– ومع ذلك، بالانتقال من التجربة الفكرية إلى عمل الإنترنت الفعلي اليوم، من الجدير بالذكر أنه من شبه المستبعد تماماً أن يحدث توقف فعلي للإنترنت. من السهل نسبياً إيقاف أجزاء معينة من الإنترنت لبعض الوقت -مثلما هو موضح جيداً هنا– إلا أنه من شبه المستحيل إيقافه على مستوى العالم، نظراً لطبيعة الإنترنت التي تتميز بالتداخل والتوزع، مثلما يشرح كيفن كوران شرحاً وافياً في مساهمته في هذه الصفحة.

الشركات التكنولوجية الأخرى تبحث عن مجالات جديدة لها

– قال لاري بايج ذات مرة إن «جوجل ستشيد مطارات ومدن». كانت الفكرة السائدة لفترة طويلة أن تأثير الجهات الرقمية سيظل مقتصراً على البرامج والمحتوى الرقمي والمعلومات الرقمية. بيد أنه بدأ يتضح أن هذه الجهات تستغل براعتها في هذه المجالات لتأخذ مكاناً في الأسواق غير الرقمية، سواء كانت النقل أو إدارة البنية التحتية أو الخدمات المصرفية.

– قد نقول إن جوجل لم تبدأ في بناء المدن بعد، ولكنها، بشكل مباشر أو من خلال استثماراتها، تلعب بالفعل دوراً في تنظيم التنقل، بينما تشارك شركة IBM في إدارة البنية التحتية لإمدادات المياه في العديد من المدن.

– في ظل الارتباط المتزايد باستمرار بين البنية التحتية والأشياء المادية، يتطلب تنظيم التدفقات المادية التحكم في تدفق المعلومات. من المحتمل أن يكون لتوقف الإنترنت العالمي عواقب خطيرة للغاية بالنسبة لعالم سيظل محتفظاً بماديته، ولكن تحكمه وتنظمه المعلومات والبيانات بدرجة كبيرة.

تأثيرات انقطاعه ستكون متفاوتة بين فئات المجتمع

– يقول ويليام داتون، الباحث بمعهد أوكسفورد مارتن للإنترنت بجامعة أكسفورد: ليوم واحد، سيكون التأثير متفاوتاً. بالنسبة للمديرين والمهنيين، مثل الصحفيين والأكاديميين، سيكون الأمر بمثابة يوم ثلجي، يمنحهم فرصة للراحة، أو ربما لقراءة كتاب. بالنسبة للعمال، مثل السباكين والنجارين، سيكون لانقطاع الإنترنت تأثيراً سلبياً على سبل عيشهم، مثل خسارة مهام جديدة. ولذا ستقع آثار متباينة في الطبقات الاجتماعية والاقتصادية التي تشكل المجتمعات.

– أما إذا توقف لفترة طويلة من الزمن، فإن الضرر سيطال جميع أجزاء المجتمع، في جميع أنحاء العالم. إذ إن أكثر من نصف العالم متصل بالإنترنت وفي الدول الغنية، يصبح الإنترنت باستمرار جزءاً لا يتجزأ من ممارسات الأشخاص المختلفة. إذ أصبح كل شيء من التسوق، والخدمات المصرفية، والحصول على المعلومات، إلى البحث عن الترفيه، يتم عبر الإنترنت. لذا سيكون انقطاعه بمثابة صدمة للنسيج الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع.

– وكثيراً ما يرغب الساسة في الحصول على «زر إيقاف» قوي لقطع الإنترنت. لكنهم سرعان ما سيدركون أن هذا سيكون له آثار سلبية مخيفة، ربما تتجاوز الأضرار التي قد يسعون إلى معالجتها.

ما الشكل المتوقع لانقطاع الإنترنت؟

– في السياق، يقول ماثيو زوك، أستاذ الجغرافيا في جامعة كنتاكي، وتركز أبحاثه على شبكة المعلومات الجغرافية والوسائط المكانية الجديدة: «سأتوقف لحظة وأكون ذلك الشخص المزعج في حفل العشاء الذي يصر على معرفة المزيد من التفاصيل حول سبب وطريقة توقفه. أعلم أن ذلك يتعارض مع جوهر السؤال لكنه مهم حقاً فيما يتعلق بالأمور التي يبينها».

– سيكون التوقف الكامل لخدمة اسم نطاق الإنترنت (على سبيل المثال، اختفاء أو تلف جميع الملفات الخاصة بجميع نطاقات المستوى الأعلى TLD) مختلفاً كثيراً عن هجوم حجب الخدمة DDOS الشامل أو نوعاً من العطل المادي (مجموعة صغيرة مجتهدة تحمل مناشير جنزيرية ولديها جرافات وتبدأ في قطع الكابلات في بعض المواقع الرئيسية هو التصور المفضل لدي شخصياً، إلى آخره).

– لكننا نقول توقف الإنترنت بالكامل، لذا سأفترض أن بروتوكول التحكم بالنقل TCP توقف فجأة عن العمل لأنه في منتصف الأربعينات من عمره الآن، وربما هو وبروتوكول الإنترنت IP يمران بأوقات عصيبة، ويفكران في الطلاق وكلاهما يأخذ إجازة لبضعة أسابيع ليعرفا حقيقة شعورهما (وهو ما قد يعني التسكع في الإنترنت المظلم ومطاردة الكثير من الإلكترونات الصغيرة جداً).

تأثيراته على القطاعات.. واحداً تلو الآخر

– يقول زوك: حسناً، بانتهائي الآن من تجسيم بروتوكولات الإنترنت الأساسية، ما الذي يعنيه هذا فعلياً؟ كل شيءٍ على الأرجح، ولكن نظراً لخلفيتي المعتمدة على التخطيط الحضري؛ فسأُركِّز على بعض النقاط الرئيسية المحتملة.

– العمل: بانقطاع الإنترنت، من المفترض أن تستحيل تأدية أي نوعٍ من العمل المعرفي -التعليم والمحاماة والتأمين والتصميم. إذ إنَّ الكثير من تلك الأنظمة مرتبطةٌ بالحوسبة السحابية- ولن تستطيع حينها الحصول على ملفاتك إلَّا في حال كانت لديك نسخٌ ورقية منها، أو نسخٌ محلية على حاسوبك الشخصي. علاوةً على أنَّ أنظمة الجدولة والاجتماعات ستتعطَّل.

– الاتصالات: لست واثقاً أنَّ أيّ شيءٍ سيعمل. ولست متأكِّداً من الطريقة التي تستخدم بها بعض التقنيات حزمة بروتوكولات الإنترنت (TCP/IP). ولكن الاتصال الصوتي عبر الإنترنت (VOIP) سينقطع. وأشُكُّ في أنَّ خدمات الرسائل القصيرة (SMS)، وواتساب، والبرقيات تعتمد على حزمة بروتوكولات الإنترنت على الأرجح في مرحلةٍ ما. وسيُتحوَّل عاملو هوائيات اللاسلكي إلى ملوك.

– الخدمات المالية والمصرفية: يا إلهي! لا شيء على الإطلاق. ستشعر العملات الذهبية بالفخر الشديد. في حين قد يتوقَّف أنصار البيتكوين أخيراً عن الحديث حول مدى تفوُّق تقنية البلوكتشين اللامركزية، التي تعتمد على حزمة بروتوكولات الإنترنت. ولست واثقاً مما سيحدث لأجهزة الصراف الآلي (ATM)، هذه نقطةٌ محورية.

– البنية التحتية للمواصلات: ستعمل السيارات (أو سياراتي على الأقل لأنَّها سياراتٌ قديمة)، لكن إشارات المرور وتقنية المرور السريع (FastPass) وغيرها ستنهار على الأرجح بطرقٍ مُثيرةٍ للاهتمام. وسيتوقَّف عمل خطوط الطيران. وستعمل الشاحنات على الأرجح، ولكنَّني لست واثقاً بشأن السكك الحديدية أو الموانئ. وستدخل صناعة الخدمات اللوجستية بأكملها في حالةٍ من الفوضى. وستظل البنية التحتية الأساسية بالكامل في موقعها، لكن انهيار الإنترنت سيُعقِّد عمل الأنظمة اللوجستية المُعقَّدة التي تُمكِّن سلاسل الإمداد العالمية بشكلٍ أساسي.

– أنواع البنى التحتية الأخرى: شبكات الكهرباء، والمياه، والصرف الصحي. أعتقد أنَّ أنظمة الصرف الصحي ستُواصل عملها (حمداً لله!) لأنَّها تعتمد على الجاذبية في المقام الأول، رغم أنَّ هناك بعض محطات المراقبة التي ربما ستنهار. لكنَّني أكثر قلقاً حيال أنظمة التحكُّم في أنظمة الكهرباء والمياه. وربما تسير الأمور على ما يُرام لبُرهةٍ من الوقت، لكنَّني لا أعلم ما سيُحدث حين نصير بحاجةٍ إلى إجراء تعديلات.

– لذا، فهناك أخبارٌ جيدة في النهاية: لن يرى الكثير من الناس جدوى الذهاب إلى العمل أو المدرسة لأنَّ حركة المرور ستكون بالغة السوء، ولن تجد شيئاً تفعله حين تصل. أما الأخبار السيئة، فهي أنَّك لن تستطيع التواصل مع أحدٍ سوى وجهاً لوجه (أو البريد العادي والهوائيات اللاسلكية)، ولن تعمل الأنظمة المصرفية العالمية، وأشعر بالقلق الشديد حيال الأمور اللوجستية.

– ولن تحصل المصانع ومعالجة الغذاء على المزيد من المدخلات، لذا ستتوقَّف الوظائف، وكذلك خدمات توصيل الطعام إلى محلات البقالة. وربما سيكون الوقت قد حان لزيارة سوق المزارعين المحليين (بافتراض أنَّ المزارعين سيستطيعون السفر). وسيسود الشك حيال الكهرباء والمياه. ويُنصح بملء حوض الاستحمام وشراء بعض البطاريات. والنفط.. اللعنة، سيكون الأمر صعباً.

كيف ستكون ردّة الفعل الأولى للناس؟

– من جانبه، يقول أليساندرو أكويستي، أستاذ تكنولوجيا المعلومات والسياسة العامة بجامعة كارنيغي ميلون: «على المدى القريب؟ ستسود الحيرة، تليها الآثار المُترتبة على الارتباك والفوضى، صراعات وحرب ومجاعة وموت».

– على المدى المُتوسِّط: ستستمر الحياة، سنتدبَّر أمورنا، وسنُعيد استكشاف وقت الفراغ. على المدى البعيد: الارتداد إلى الوضع الطبيعي، لا مزيد من الفوضى أو المزيد من وقت الفراغ، وأتمنى أن نكون أكثر لطفاً مع بعضنا البعض.

انهيار الاقتصاد العالمي

– أما مارك غراهام، أستاذ جغرافيا الإنترنت بمعهد أكسفورد للإنترنت، فيقول: في حال توقَّف الإنترنت بأكمله؛ سنشهد انهياراً اقتصادياً عالمياً شبه فوري. إذ يُمثِّل الإنترنت دور النظام العصبي للعولمة المعاصرة.

– ولا شكَّ أنَّ التفاعلات الرقمية الواضحة ستكون أول الأنشطة المُتضرِّرة، مثل: غالبية الوظائف التي تعتمد على الحواسيب أو الاتصال بالإنترنت، وشبكات المصارف والمدفوعات الأساسية، وغيرها. وإثرها ستبدأ بعض القطاعات الاقتصادية، التي تبدو أول الأمر غير متصلةٍ نسبياً بالإنترنت، في التوقُّف تدريجياً.

– وذلك نظراً لحقيقة أنَّ كافة المجتمعات المُعاصرة تعتمد على سلاسل التوريد طويلة المسافة، وسلاسل التوريد طويلة المسافة تعتمد على الإنترنت. ولن يستطيع مُزارعو الطماطم، أو الصيادون، أو عُمَّال المصانع فعل الكثير في حال عجزوا عن التواصل مع المنظمات التي يعملون لصالحها أو يُتاجرون معها، إلى جانب عجزهم عن استقبال الأموال من العُقَد الموجودة على رأس سلاسل القيمة الخاصة بهم.

– وأكثر شيئين تُعَدُّ قدرتهما على إحداث الفوضى في الاقتصاد المُعاصر مضمونة، هما العجز عن توزيع الطعام وعجز الناس عن الوصول إلى الأموال والشبكات المصرفية. وسينتشر الاضطراب الاجتماعي الناجم عن هذين العاملين فقط في كافة أركان العالم التي تتميَّز بوجود أنظمة إنتاجٍ ذات اكتفاءٍ ذاتي نسبياً. ولأنَّ القطاعات الأكثر عزلةً في الاقتصاد العالمي لن تتأثَّر نسبياً؛ فإنَّ الاقتصاد الوطني الوحيد الذي سيخرج دون خدشٍ تقريباً هو الاقتصاد الكوري الشمالي، رغم أنَّ البلاد ستشهد بعض المشكلات بالطبع.

– ولكن في النهاية، أنا واثقٌ من أنَّ مجتمعاتنا أكثر مرونةً مما نعتقد، وستظهر أنظمة الاتصال الاحتياطية التي تعتمد على الراديو -أو غيره من أنظمة الاتصال غير المتصلة بالإنترنت- لتُؤدِّي دور الغراء الاتصالاتي الذي سيُبقي على ترابط المجتمعات والاقتصادات. لكن الفقدان المفاجئ للاتصال بالإنترنت سيكون مُوجعاً للغاية على المدى القصير.

سُنعاني من الاضطرابات، والذعر، وأعمال الشغب

– من جهته، يرى ليونارد كلينروك، أستاذ علوم الحاسوب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، الذي طوَّر نظرية حزمة شبكات الاتصال، وهي التقنية التي تقوم عليها شبكة الإنترنت، يرى أنَّنا في طريقنا إلى عالمٍ سيُضحي خلاله الإنترنت خفياً وموجوداً في كل مكان، أي أنَّه سيختفي وسط البنية التحتية، ما يعني أنَّه سيصير أشبه بنظامٍ عصبي عالمي واسع الانتشار. وستضطلع تقنية إنترنت الأشياء (IoT)، وغيرها من التقنيات، بهذه المهمة.

– وفي حال الإغلاق التام لشبكة الإنترنت؛ سُيؤدِّي رد فعل المستهلكين إلى استخدامٍ مُكثَّف وفوري للبطاريات، والغذاء، والبنزين، والمياه، والدراجات، وغيرها. وسُنعاني من الاضطرابات، والذعر، وأعمال الشغب، والجريمة، والعنف في المراحل المُبكِّرة.

– وستشهد شبكات الطاقة، وأنظمة خطوط الطيران، والتجارة، والأنظمة المالية والمصرفية، والتسوُّق عبر الإنترنت، ومجتمعات الإنترنت، والترفيه عبر الإنترنت، وتبادل المعلومات في الأنظمة الكبرى (مثل الأنظمة الصحية والقانونية والمالية والحكومية والتعليمية) حالات انهيارٍ وأعطال هائلة.

– وستندفع السيارات ذاتية التشغيل بجنونٍ في كل مكان، في حين ستتعطَّل أنظمة المواصلات (مثل ضوابط المرور). وستختفي أنظمة الأمن المادي القائمة على الإنترنت. وسنفقد وصولنا السريع إلى مخازن المعرفة الهائلة، وستتباطأ الأرشفة الجادة للمعلومات إلى حدٍّ كبير.

– وفي حال ظلَّت الكهرباء قيد التشغيل في بعض المناطق، فستُواصل شبكات الواي فاي العمل محلياً. وسنشهد نشر الشبكات اللاسلكية المُتخصصة. وستزدهر صناعات التلفزيون، والاتصالات الهاتفية الصوتية العادية، والراديو.

لكن في المقابل، ما الجانب الإيجابي لانقطاع الإنترنت؟

– يقول كلينروك: ولكن فلننظر إلى الجانب الآخر من ذلك الإغلاق. ففي حال نظرنا إلى الجانب الإيجابي، سنجد بعض الآثار المُفيدة للبناء الاجتماعي على الكوكب. وإليك قائمةً ببعض الاحتمالات:

– سيجد الأطفال الأمر مُحرِّراً (أو مُدمِّراً، أو كلاهما).

– سيقرأ الناس الصحف، والمجلات، والكُتب، وغيرها من الأشياء بجدية. وذلك بدلاً من لعب ألعاب الفيديو التي لا معنى لها على هواتفهم المحمولة، كل ما عليك فعله هو السير في الممر الأوسط لغالبية رحلات الطيران لتُدرك الأمر.

– سيبدأ الناس التفكير مرةً أخرى. وستزدهر المكتبات.

– ستختفي التفاعلات القائمة على الإنترنت (مثل البريد الإلكتروني والرسائل والشبكات الاجتماعية وتويتر وغيرها)، وسيحل محلها أشكال أكثر تقليدية ومعنى وتعبيرية، وتتطلَّب فكراً وعناية مثل: الكتابة، الحديث، الغناء، والتسكُّع معاً، وغيرها.

– ستتغيَّر الحياة الاجتماعية بطريقةٍ ذات معنى. وسيتحدَّث الناس فعلياً، بدلاً من التحديق في الشاشات. وسيتفاعلون مع بعضهم البعض أثناء النظر إلى بعضهم البعض فعلياً.

– وستتراجع جرائم الأمن، وانتهاك الخصوصية، والاحتيال، وبرامج الفدية، والتصيُّد الإلكتروني، والقرصنة الإلكترونية بدرجةٍ ملحوظة.

– سينخرط الناس في هواياتٍ حقيقية، ويتجمَّعون لممارسة ألعاب الألواح، وسيتفاعلون اجتماعياً على أرض الواقع باتصالٍ إنساني حقيقي.

– ستُعاود الحياة الحقيقية الظهور بدلاً من الحياة الافتراضية.

– سيلعب الأطفال خارج المنزل، ويستنشقون الهواء المنعش، ويُجرِّبون شيئاً يُدعى الطبيعة. وستخرج بنفسك إلى الشارع، في ثيابٍ مُهندمة، لتتعامل مع جيرانك وحيَّك.

– سيُلزم الناس بمعرفة الأشياء عن طريق وضع المعلومات داخل عقلهم فعلياً، وهذا سيُزوِّدهم بميزة القدرة على التفكير باستخدام تلك المعلومات، وتوليد أفكار جديدة أثناء الاستحمام أو القيادة أو غيرها.

– سيعود الولاء للباعة المحليين، بالتزامن مع فقدان شركات الإنترنت الضخمة لسيطرتها الاحتكارية على المُستهلكين.

– سيختفي التأثير الهائل لبوق الإنترنت (وستنخفض الأخبار الكاذبة وخطابات الكراهية وغيرها).

– ستعاود القيادة اعتمادها على معرفة كيفية التوجيه بعقلك. وستختفي صور السيلفي الذاتية أخيراً، أو ستتناقص.

وباختصار، سيعود توازن الحياة. والآن، كم سيكون الأمر سيئاً؟ لكن لا شكَّ أنَّنا سنعود إلى عالم الإنترنت بمجرد قدرتنا على ذلك، أليس كذلك؟ فماذا عن أرضيةٍ وسط مُتوازنة؟

ما احتمالات توقف الإنترنت بالكامل عن العالم؟

– أخيراً، يقول جون دي فيلاسينور، أستاذ هندسة الكهرباء والحاسوب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، إن التأثير المحتمل لانقطاع الإنترنت سيكون مُدمِّراً بسرعةٍ كبيرة.

– فحين يُفكِّر الكثير منا بشأن الإنترنت، نميل إلى التفكير فيه من حيث الخدمات المُوجَّهة إلى المستهلك مثل: البحث، والشبكات الاجتماعية، والبريد الإلكتروني، وقراءة الأخبار عبر الإنترنت.

– لكن الإنترنت يُشغِّل الكثير من أجزاء بنيتنا التحتية الحيوية اليوم أيضاً، ويشمل ذلك: النظام المالي، وأنظمة المواصلات، وسلاسل التوريد لتوزيع الغذاء وغيره من المنتجات الأساسية، وأنظمة الاستجابة لحالات الطوارئ، وغيرها.

– وبدون تلك الأنظمة؛ لن يعمل المجتمع كما نعرفه بكل بساطة. ولحسن الحظ أنَّ احتمالات توقُّف الإنترنت بالكامل حول العالم هي احتمالاتٌ منخفضةٌ للغاية. إذ إنَّ النظام الإيكولوجي للإنترنت مُوزَّعٌ على نطاقٍ واسع للغاية، لذا فإنَّ أكثر الأطراف الضارة قدرةً لن يستطيع على الأرجح أن يتسبَّب في توقُّفٍ مُتواصل للإنترنت بهذه الدرجة.

زر الذهاب إلى الأعلى