10 مشاريع عظمى ترسم مستقبل تركيا الواعد .. غاز و نووي و سيارة
تحقيقاً لرؤية 2023 التي وضعها الرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية احتفالاً بالذكرى المئوية الأولى للجمهورية التركية التي تصادف العام المقبل، أطلقت أنقرة عدداً كبيراً من المشاريع الكبرى والثورية، التي ستغيّر وجه تركيا إلى الأبد فور اكتمالها، وستحجز لها مقعداً متقدماً ضمن نادي الدول العظمى.
فإلى جانب مشاريعها على جميع الأصعدة الاقتصادية والتجارية والصناعية والتكنولوجية واللوجستية، أطلقت تركيا خطتها الاستراتيجية الرامية إلى تعزيز أمن الطاقة لديها عبر اكتشاف مزيد من مصادر الطاقة المحلية وزيادة الاعتماد على البدائل النووية والمتجددة، حيث بدأت في وضع اللمسات الأخيرة لضخّ غاز البحر الأسود وتدشين العمل بمحطة “أق قويو” النووية العام المقبل، بالإضافة لقرب إطلاق سيارتها الكهربائية المحلية وتدشين أكبر مصنع لإنتاج بطاريات الليثيوم في أوروبا كلها.
واستكمالاً لنجاحاتها المتتالية في توطين معظم صناعاتها الدفاعية بإمكانيات وخبرات محلية خالصة، باتت تركيا قاب قوسين أو أدنى من تدشين مشاريع دفاعية فريدة ونوعية في المجالات الجوية والبحرية والصاروخية، من مقاتلة الجيل الخامس المحلية إلى مسيّرة “قيزل إلما” للجيل السادس، ومن غواصات فئة “رئيس” إلى حاملة المسيّرات المحلية “تي جي غي أناضولو”، ومن أنظمة “سيبار” للدفاع الجوي وصولاً للمهمة الفضائية المتمثلة بتنفيذ “هبوط قاسي” على القمر وإرسال مواطن تركي إلى الفضاء بحلول بحلول مئوية الجمهورية التركية العام المقبل.
1- غاز البحر الأسود
وفي 17 أكتوبر/تشرين الأول 2020، عاد أردوغان وأعلن أن إجمالي حجم الاحتياطيات بلغ 405 مليارات متر مكعب بزيادة قدرها 85 مليار متر مكعب جرى الكشف عنها في بئر تونا- 1. ومع توالي أعمال البحث التي تجريها سفن أسطول البحث والتنقيب التركية، تتوالى اكتشافات الغاز في البحر الأسود. حتى اللحظة، بلغ احتياطي الغاز الإجمالي في البحر الأسود نحو 540 مليار متر مكعب بعد اكتشاف 135 مليار متر مكعب في بئر أماسرا- 1.
بدوره، صرح وزير الطاقة والموارد الطبيعية فاتح دونماز في 8 مارس/آذار الماضي قائلاً: إنه “سيجري إدراج هذا الغاز في النظام في الربع الأول من عام 2023″، مشيراً إلى أن احتياطي الغاز هذا كبير بما يكفي لتلبية احتياجات جميع المساكن في تركيا لمدة 30 عاماً.
2- محطة “آق قويو” النووية
تحقيقاً للحلم البالغ من العمر 50 عاماً والمتمثل بإنتاج الكهرباء عبر مفاعلات نووية، باتت تركيا اليوم أقرب من أي وقت مضى لامتلاك مفاعلات نووية لأغراض سلمية، وذلك بعد توقيعها مع روسيا في نهاية عام 2010 اتفاقاً للتعاون حول إنشاء أولى المحطات النووية على الأراضي التركية وتشغيلها، وهي محطة “آق قويو” في مرسين التركية بتكلفة 20 مليار دولار أمريكي.
واليوم، تسارع تركيا الخطى لدخول نادي الدول النووية، إذ قاربت على الانتهاء من تشييد محطة “أق قويو” التي ستبدأ أولى مراحلها بإنتاج الطاقة لتوليد الكهرباء المركبة بحلول عام 2023، بالتزامن مع مئوية تأسيس الجمهورية التركية.
وصُممت المحطة التي بدأت أعمال بنائها في أبريل/نيسان 2018 وتضم أربع وحدات تنتج كل منها 1200 ميغاواط، إذ ستبلغ القدرة الإجمالية للمحطة فور تشغيلها بالكامل نحو 4800 ميغاواط من الطاقة المستمرة التي تلبي جميع معايير الأمان لإنتاج الطاقة من مصادر نووية المنصوص عليها من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وإلى جانب محطة “أق قويو” التي ستتمكن من توليد 35 مليار كيلو واط/ساعة من الطاقة الكهربائية سنوياً، أي ما يعادل 10% من حاجة تركيا إلى الكهرباء، أعلنت الحكومة التركية أن أعمال البناء في محطتين أخريين، إحداهما في ولاية سينوب على شاطئ البحر الأسود والأخرى في منطقة إينيدا الواقعة شرق إقليم تراقيا، ستبدأ قريباً من أجل الإسراع في حماية أمن الطاقة بتركيا، بحيث يصبح مجموع الطاقة الناتجة عن المفاعلات 100 غيغاواط بحلول عام 2030.
3- سيارة (TOGG) الوطنية
تحقيقاً للحلم الذي طال انتظاره لأكثر من 60 عاماً، واستكمالاً لخطتها الرامية للتخفيف من فاتورة الطاقة الأحفورية والتأكيد على ضرورة التحول نحو الطاقة النظيفة في إطار مكافحة تغير المناخ على المستوى العالمي، صبت تركيا منذ عام 2017 جل جهودها وخبراتها من أجل وضع الأسس الصحيحة والواقعية لإطلاق سيارتها الكهربائية التي وعدت بأن تكون بخبرات وإمكانيات وطنية كاملة.
وبينما بدأت الاستعدادات لتمويل مشروع السيارة التركية “توغ” (TOGG) التي قدرت قيمته بنحو 3.7 مليار دولار عبر التحالف الذي شكلته أضخم وأقوى خمس شركات تركية، وقع الاختيار على محمد غورشان كاراكاش ليكون المدير التنفيذي للمشروع، والذي بدوره وصف المشروع قائلاً: “ليست سيارة وحسب، بل ستكون حاسوباً يمشي”.
وتستعد تركيا لبدء الإنتاج الضخم في الربع الأخير من العام الجاري، على أن يُطرح أول طراز دفع رباعي للمركبة في الربع الأول من عام 2023. ويُنتظر أيضاً أن تُطلق السيارة الرياضية متعددة الاستخدامات، وهي أول مركبة في الفئة C نهاية الربع الأول من 2023. في السنوات التالية، تخطط “توغ” لإنتاج ما مجموعه مليون سيارة بحلول عام 2030، مع إنتاج 5 طرازات مختلفة من فئة واحدة. فيما سيكون تركيز البيع في السوق المحلية أولاً، سيجرى الانفتاح على السوق الدولي بعد عامين أي في 2024.
4- مصنع بطاريات ضخم
تزامناً مع بدء الإنتاج المتسلسل لسيارتها الكهربائية الجديدة، أعلنت تركيا عن خططها لإنشاء أكبر منشأة في أوروبا لإنتاج بطاريات أيون الليثيوم الجديدة في ولاية قيصري وسط الأناضول، ومن المقرر افتتاحها في قريب هذا العام. فيما أوكلت هذه المهمة لشركة “أسبيلسان” (ASPİLSAN) التركية.
ومن شأن هذه الخطوة الاستراتيجية أن تعزز جهود تركيا المتسارعة لتعزيز سوق الطاقة النظيفة والمستدامة بشكل كامل مقابل الحد من اعتمادها على مصادر الطاقة الأحفورية المستوردة من الخارج.
ومن خلال المنشأة، التي تبلغ مساحتها 25 ألف متر مربع وستدخل مرحلة الإنتاج قريباً، سيجرى تلبية احتياجات كل من الصناعة الدفاعية والقطاع الخاص في المنشأة، إذ ستنُتج كميات كبيرة من بطاريات أيون الليثيوم في أوروبا، من خلال تطوير خلايا البطاريات من مختلف الأنواع والأحجام والتقنيات التي تُستخدم في جميع مجالات الحياة تقريباً، من الأجهزة الكهربائية إلى الطائرات بدون طيار في صناعة الدفاع، بالإضافة إلى السيارات الكهربائية أيضاً.
5- المقاتلة الشبحية الوطنية (MMU)
يعتبر مشروع المقاتلة الوطنية من الجيل الخامس أحد أهم مشاريع تركيا الدفاعية، وتحديداً الجوية، في الوقت الحالي. وهو المشروع الذي لم يكن وليد المرحلة ولا وليد الأزمة مع الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص مقاتلة “إف-35″، بل هو هدف تركي من ضمن الأهداف العديدة التي تسعى أنقرة من خلالها لتصنيع كل ما تحتاج إليه قواتها العسكرية والأمنية من أسلحة ومعدات وأنظمة دفاعية بإمكانات وطنية خالصة.
وأطلقت تركيا نهاية عام 2010 أكبر مشروع وطني في تاريخها، بتكلفة قد تصل إلى نحو 20 مليار دولار أمريكي، من أجل تطوير وتصنيع طائرة قتالية شبحية من الجيل الخامس بإمكانيات وطنية خالصة، إذ تهدف أنقرة إلى أن تكون جميع أجزاء المقاتلة بالإضافة إلى المحرك صناعة محلية بالكامل.
ووفقاً لأحدث التقديرات، فإن المقاتلة الوطنية ستقوم بأول رحلة طيران تجريبية في عام 2025، على أن يبدأ إنتاجها المتسلسل بعد ذلك بـ 4 سنوات. حيث ستكون تركيا واحدة من بين 4 دول حول العالم تمتلك البنية التحتية والتكنولوجية اللازمة لإنتاج طائرات حربية من الجيل الخامس بعد الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين.
6- مسيّرة “قزيل إلما”
بعد النجاحات الهائلة التي حققتها مسيّرات “بيرقدار” التركية فوق أكثر من ساحة صراع دولية وإقليمية، ومع قرب أولى الطلعات التجريبية لمقاتلة الجيل الخامس الوطنية، أعلنت شركة “بايكار” التركية للصناعات الدفاعية أنها كثفت جهودها لتطوير مقاتلة جديدة تنتمي إلى الجيل السادس من المقاتلات الحربية لخوض الحروب والهيمنة على سماء المستقبل.
وعلى الرغم من أنه لا تتوافر معلومات كثيرة عن المقاتلة المسيّرة الجديدة حتى الآن، جاء في البيان الذي أدلى به رائد صناعة المسيَّرات في تركيا والمدير التقني لشركة “بايكار”، سلجوق بيرقدار، ذكر أن النماذج الأولية ستطير بسرعة أقلّ من سرعة الصوت، فيما ستتجاوز النماذج الأولية في المستقبل سرعة الصوت. ويُنتظر أن تحلّق المقاتلة في الذكرى المئوية للجمهورية التركية عام 2023.
ولتحقيق التفوق على مقاتلات الجيل الخامس، ستحلّق مسيّرة الجيل السادس “قزيل إلما” بجانب المقاتلة الوطنية من الجيل الخامس (MMU) لتنفيذ عمليات قتالية وهجمات إلكترونية مشتركة، كما سيتمكن الطيار في قمرة قيادة مقاتلة الوطنية من التحكم وإدارة المقاتلات المسيّرة من حوله.
يذكر أن كلمة ” قزيل إلما”، التي تعني بالعربية “التفاحة الحمراء”، هو مصطلح تركي يُطلق للدلالة على أقصى ما يمكن بلوغه من الفتوحات والنصر.
7- غواصات “رئيس”
على غرار مشاريع الصناعات الجوية، أطلقت تركيا في عام 2011 مشروعاً محلياً ضخماً لإنتاج 6 غواصات من فئة “رئيس“، سعياً وراء تعزيز قدرات بحريتها وجعلها في قمة ترتيب أقوى الأساطيل البحرية في المنطقة.
وخلال حضوره مراسم بدء بناء غواصة محلية جديدة، نهاية مايو/أيار الماضي، قال الرئيس أردوغان: “بدءاً من هذا العام سنُدخِل غواصة جديدة كل عام إلى الخدمة ضمن أسطول البحرية التركي، وسنضيف 6 غواصات من النوع الجديد إلى أسطولنا البحري حتى عام 2027 “.
ويُعتبر المشروع أحد أكبر مشاريع بناء غواصات بشكل مشترك على الإطلاق بالتعاون مع شركة “تيسين كروب للأنظمة البحرية” الألمانية، إذ بلغت قيمته الإجمالية نحو 2.7 مليار دولار أمريكي، إذ ستصل نسبة المساهمة المحلية من قيادة القوات البحرية التركية إلى أكثر من 75% خلال إنتاج الغواصات الـ6 التي ستدخل الخدمة تباعاً بدءاً من العام الجاري وتحمل الأسماء التالية: “بيري رئيس” 2022، و”خضر رئيس” (بربروس) 2023، و”مراد رئيس” 2024، و”أيدن رئيس” 2025، و”سيد علي رئيس” 2026، و”سلمان رئيس” 2027.
8- حاملة الطائرات “تي جي غي أناضولو”
قفزت تركيا قفزات ملحوظة في مجال الصناعات البحرية، فإلى جانب تصميم وتطوير قطع بحرية جديدة ومتنوعة. واعتباراً من عام 2018 شمل مشروع “ملغم” الوطني إنتاج 16 سفينة حربية للبحرية التركية، من ضمنها الفينة الهجومية البرمائية متعددة الأغراض “تي جي غي أناضولو”، التي تُجري الاختبارات البحرية الأخيرة ويُتوقع تسليمها قريباً.
وبحسب تصريح سابق أدلى به دمير للأناضول، فإن السفينة “تي جي غي أناضولو” معروفة لدى الرأي العام بأنها حاملة طائرات، إلا أن المشروع خطط له منذ البداية لإنتاج سفينة إنزال برمائية ثم أضيفت إليها مدرجات إقلاع وهبوط للطائرات المسيّرة القتالية.
ويبلغ طول السفينة 232 متراً وعرضها 32 متراً وزنها قرابة 27 ألف طن وارتفاعها 58 متراً، فيما تحتوي على 11 طابقاً بأحجام مختلفة، وسيكون بإمكانها حمل 30 طائرة بين مروحيات ومقاتلات وطائرات مُسيّرة، إذ تضم ستة مهابط، ومدرج طيران، فضلاً عن إمكانية نقل الآليات العسكرية البرية.
حيث باشرت شركة في عام 2021 بتطوير مسيّرة جديدة، أطلقت عليها اسم “بيرقدار تي بي 3″، تعتبر أحدث مُسيّرة مسلحة على مستوى العالم قادرة على الإقلاع والهبوط من السفن ذات المدارج القصيرة. والتي بالإضافة إلى مهام الاستطلاع والمراقبة والاستخبارات، لديها القدرة على تنفيذ عمليات بالذخائر الذكية المحلية التي تحملها تحت أجنحتها.
9- أنظمة “سيبار” الوطنية للدفاع الجوي
ضمن مساعيها لتوطين صناعة أنظمة الدفاع الجوي، واستكمالاً لقصة نجاحها في توطين ما يقرب من 80% من صناعة الدفاع بإمكانيات وخبرات وطنية خالصة، اختبرت تركيا بنجاحٍ منظومة “سيبار” للدفاع الجوي بعيد المدى، التي يتوقّع لها الخبراء أن تكون في مستوى يمكّنها من منافسة منظومة “S-400” الروسية.
وفي إطار السباق الدولي بين القوى العظمى لتطوير أفضل أنظمة الدفاع الجوي وامتلاكها حجزت منظومة “سيبار”، التي طوّرتها عمالقة الدفاع في تركيا “أسيلسان” و”روكيتسان” ومجلس البحوث العلمية والتكنولوجية في تركيا “توبيتاك”، مقعداً متقدماً لتركيا في نادي الدول المنتجة والمالكة لمثل هذا النوع من التقنيات الدفاعية المتقدمة. وفي هذا الصدّد صرّح رئيس الصناعات الدفاعية إسماعيل دمير في وقت سابق بأنّ بلاده تخطّط لإدراج “سيبار” في قائمة الأسلحة المستخدَمة بحلول 2023، وتابع: “سندمّر كل التهديدات عبر سيبار”.
وفي بداية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اختبرت تركيا بنجاحٍ صاروخ الدفاع الجوي طويل المدى “سيبار” (Siper) الذي وصل مداه إلى 70 كلم. ومن المفترض أن يُلبّي صاروخ “سيبار”، الذي من المتوقع أن يصل مداه من 30 إلى 150 كلم، حاجة ماسّة لدى أنقرة لتطوير قدراتها الدفاعية الجوية محليّة الصّنع، إذ يتمتّع الصاروخ بإمكانيات عالية لحماية المنشآت الاستراتيجية من هجمات العدو في نطاق الدفاع الجوي الإقليمي، وبالأخص على المدى البعيد.
10- مشروع الفضاء التركي
ضمن الأهداف الـ10 لبرنامج الفضاء الفضاء التركي التي أعلن عنها الرئيس أردوغان في 11 فبراير/شباط 2021، تربعت على صدارة الترتيب مهمة الوصول إلى القمر بحلول مئوية الجمهورية التركية، التي تصادف يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث قال أردوغان إن تركيا ستنفذ “هبوطاً قاسياً” على سطح القمر من خلال مركبة محلية ستطلق عبر صاروخ محلي الصنع سيطلق نهاية 2023، وستشرع في إجراء “هبوط سلس” ضمن المرحلة الثانية التي من المزمع الانتقال إليها في 2028، لتكون بذلك من بين الدول القليلة التي يمكنها إجراء أبحاث على القمر.
وفي إطار برنامج تركيا الوطني للفضاء، أعلن الرئيس أردوغان في 24 مايو/أيار الماضي فتح باب التقديم للراغبين في الذهاب برحلة إلى محطة الفضاء الدولية في الذكرى المئوية للجمهورية التركية التي تصادف العام المقبل، وذلك ضمن إطار “رحلة الفضاء التركية ومهمة العلوم” المحدَّدة في نطاق برنامج الفضاء الوطني.