4 دوافع وراء طلب تركيا الانضمام لعضوية “بريكس”
أثار طلب تركيا الانضمام لمجموعة “بريكس” تساؤلات حول نواياها الاستراتيجية والتداعيات الأوسع على دور أنقرة داخل حلف شمال الأطلسي، وعلاقاتها مع القوى العالمية الأخرى. وفي هذا الصدد يشير محللون إلى 4 دوافع رئيسية وراء طلب أنقرة الانضمام إلى مجموعة “بريكس” والتي أصبحت تُشكّل ثلث الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهو ما يتجاوز حصة دول مجموعة “السبع” مجتمعة، و20% من التجارة الدولية.
ووفق هؤلاء فإن الدوافع هي البحث عن منصات جديدة تمكنها من تأكيد نفوذها الاقتصادي والتوافق مع الاقتصادات النامية الكبرى الأخرى. ويقول محللون إن قرار تركيا بالتقدم بطلب عضوية بريكس في هذا الوقت يعكس محوراً استراتيجياً في سياستها الخارجية، حيث تطورت البيئة الاقتصادية والجيوسياسية العالمية بسرعة، مع اكتساب الأسواق الناشئة والتحالفات غير الغربية مثل مجموعة “بريكس” المزيد من النفوذ.
وترى تركيا أن مجموعة بريكس فرصة لتنويع شراكاتها الاقتصادية وتقليل اعتمادها على الحلفاء الغربيين التقليديين. وترغب تركيا أيضاً في كسب المزيد من الاستثمارات الصينية في التقنية التركية، خاصة وأن الصين تواجه حصاراً اقتصادياً وبحاجة إلى منصات تجارية لديها علاقات مع الدول الغربية. وهذا العامل متوفر في تركيا التي هي عضو في حلف ناتو، ولديها اتفاقيات تجارية مع أوروبا.
ورأى تقرير بقناة “سي أن بي سي” الأميركية أن البعض ينظر إلى “بريكس” على أنها ثقل موازن للمنظمات التي يقودها الغرب مثل الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع وحتى حلف شمال الأطلسي، على الرغم من أنها تفتقر إلى الهيكل الرسمي وآليات التنفيذ والقواعد والمعايير الموحدة. ويتابع التقرير: “على الرغم من عقود من تحالفها مع أوروبا والولايات المتحدة، واجهت تركيا رفضًا مستمرًا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، الذي كان منذ فترة طويلة نقطة حساسة بالنسبة لأنقرة”. وبالتالي فإن تركيا ربما ترغب من خلال هذه العضوية الضغط على أوروبا والناتو لمنحها المزيد من النفوذ، وفقاً للتقرير.
وقال جورج دايسون، أحد كبار المحللين في شركة “كنترول ريسك ــ Control Risks،” لشبكة سي أن بي سي الاقتصادية، إن خطوة الانضمام إلى “بريكس” تتماشى مع مخططات تركيا الجيوسياسية الأوسع، الرامية إلى وضع نفسها كلاعب مستقل في عالم متعدد الأقطاب.
وأضاف دايسون: “هذا لا يعني أن تركيا تبتعد عن الغرب تمامًا، لكن تركيا تريد جمع أكبر عدد ممكن من العلاقات التجارية ومتابعة الفرص من جانب واحد دون التقيد بالانحياز الغربي. إنه أمر رمزي بالتأكيد لأن تركيا تثبت ذلك بالضبط، وهو أنها ليست مقيدة بعلاقاتها الجيدة مع الغرب”.
وبالإضافة إلى مواجهة عدم القبول من جانب الاتحاد الأوروبي، يبدو أن تركيا تشعر أيضًا بالعرقلة بسبب النظام العالمي الأوسع الذي يهيمن عليه الغرب. ويقول تقرير بموقع “كونفرسيشن” البريطاني، أمس الخميس، إن حكومة أردوغان ألقت باللوم على الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، في إعاقة نمو قطاعها الدفاعي وصناعتها بشكل عام، وعدم السماح للبلاد بأخذ المكانة التي تستحقها في الشؤون العالمية كقوة متوسطة صاعدة.
ويتابع التقرير: “على سبيل المثال، أدى استحواذ تركيا على نظام الدفاع الصاروخي الروسي S-400 في عام 2019 إلى خلاف طويل مع الولايات المتحدة، مما منع تركيا من الحصول على طائرات مقاتلة من طراز F-35 نتيجة لذلك. وقد أعطت واشنطن الضوء الأخضر على مضض لشراء تركيا 40 طائرة مقاتلة من طراز F-16 في وقت سابق من هذا العام، وهي الصفقة التي قوبلت بمعارضة كبيرة في مجلس الشيوخ الأميركي”.
أما الدافع الثالث، فهو أن تركيا ترغب في أن تصبح مركزاً عالمياً للغاز وترى انضمامها إلى “بريكس”، الذي يأتي متزامناً مع انضمام أذربيجان، فرصة لتجميع الغاز من أذربيجان ومن روسيا عبر “تركيش ستريم”، وإمداد أوروبا بالغاز الطبيعي الذي تحتاج إليه أوروبا بشدة في وقت تحظر وصول الغاز الطبيعي عبر الأنابيب، وتتجه لحظر الغاز الروسي المسال الذي يصل إليها عبر الحاويات.
أما الدافع الرابع، فهو تجاري بحت، حيث إن تركيا ترغب في توسيع تجارتها وصادراتها عبر مجموعة “بريكس+” الضخمة التي تضم اقتصاديات كبرى في آسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية. ومعروف أن تركيا تعاني حالياً من أزمة تدهور الليرة التركية والتضخم وتقع تحت ضغوط البنوك الغربية.
ويرى محللون أن تركيا ربما لن تتمكن من الخروج من مأزق العملة إلا عبر زيادة الصادرات والخروج التدريجي من قفص الدولار. ومن المتوقع أن يسمح انضمام تركيا لمجموعة “بريكس” بعقد العديد من المقايضات التجارية خارج الدولار، وهو ما سيقلل الحاجة للدولار وبالتالي يسمح للعملة التركية بالتحسن.