هل توجد حرب بين أمريكا وإيران ؟

يشهد الشرق الأوسط والعالم كله الأحداث المثيرة بين الويات المتحدة الامريكية وإيران: هل هي حرب أو لا حرب؟
أميركا وإيران اللذان هما الطرفان الأساسيان في هذه الأزمة ينفيان احتمال وقوع الحرب، الرئيس الأمريكي ترامب نفى وقوع الحرب وعلى حد قوله ان بلاده لا تريد الحرب، وبومبيو وزير الخارجية الأمريكي فقد نفى هو الاخر وقوع الحرب، أما في الطرف الإيراني فان المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي فقد استبعد الحرب، ولكن هل يكفي هذا النفي وهذا الاستبعاد؟
ألا يمكن أن يكون هذا النفي، خاصة من جانب أمريكا، تغطية على النوايا الحقيقية؟ وإذا كانت أمريكا لا تنوي أن تبدأ حربا على إيران فلم ترسل إلى المنطقة حاملة الطائرات أبراهام لنكولن، وبطاريات صواريخ باتريوت، وعددا من طائرات ب 52، وسفن حربية اخرى، والمستشفى الميداني ميرسي كلاس؟
وهل يعقل ان يكون إرسال كل تلك القطعات هي لردع إيران وحلفائها مثلما تعلن أمريكا؟
وماذا ايضاً عن التخطيط لإرسال 120 ألف جندي أميركي إلى المنطقة ، ثم تم نفي الخبر الذي كانت ” نيويورك تايمز ” أول من نشره ، فلو استعرضنا التاريخ القريب ، وكما حدث في حرب الخليج الثانية بعد دخول العراق الى الكويت فهي شاهد أساسي ، فأمريكا تتحفظ في تهديداتها بالحرب ، فقد واصلت الحشد في حرب الخليج الثانية ، واستقطبت 33 دولة للمشاركة فيها دون إطلاق تهديدات تنذر بالحرب وحتميتها ، وركزت في دعايتها على مخاطرها بالإكثار من الحديث عن قوة الجيش العراقي ، وأنه القوة العسكرية الرابعة في العالم ، وما حدث بعد ذلك معروف .
اما إيران في المقابل، فأنها تكثر من الحديث عن قوتها وقدرتها على هزيمة أعدائها بمن فيهم أمريكا وهذه ظاهرة لافتة في سلوكها، فما الذي سيحدث بعد الدراما الحالية المحيرة ؟، من نصائح الكاتب الأميركي اللامع والسياسي المشهور والذي يعتبر من أوائل من أدخل مفهوم الحرب الباردة والتر ليبمان أن يحذر التنبؤ بالأحداث مهما كانت مغرياته، فان أي شيء قد يحدث في هذا العالم بلا مقدمات أو بمقدمات صغيرة لا تسوغ حدوثه.
اذن السؤال هو ماذا سيحدث بعد هذه الدراما الحالية المحيرة؟ وهل هي الحرب أو لا حرب؟ الطرفان المعنيان بهذه الاحداث مباشرة ينفيان احتمال وقوعها، وينفيان رغبتهما فيها، ولكن السؤال هو إلى أين ستمضي بكل من أمريكا وإيران وبالمنطقة وبالعالم نهاية الاحداث الحالية؟
اما الأطراف الثانوية في هذا الصراع واقصد بهم إسرائيل والسعودية والإمارات فانهم يريدون هذه الحرب لأنهم يعتبرونها حلما لهم وسيتحررون من خطر إيران وحلفائها الذي يهولون صورة إيران لكي يتم تحقيق التقارب العلني بينهم وبين إسرائيل والتطبيع معها، ولإبعاد الاهتمام المحلي والعالمي عما لديهم من مشكلات داخلية وإقليمية حقيقية، أما طرفا الحرب الأساسيان، إيران وأمريكا ، فيعرفان العواقب المهلكة لهذه الحرب ، وإذا نجحت إدارة ترامب في التغلب على ضغط إسرائيل والسعودية والإمارات في دفع الامور على الحرب فلن تقع مثلما وقعت حرب غزو العراق واحتلاله في عام 2003، والتي أقر الجنرال قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي أنطوني زيني ” أن إسرائيل كانت المحرض الفعلي عليها للتخلص من خطر الجيش العراقي عليها بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية”
وعليه فان التغلب الأميركي على الضغط الثلاثي السعودي والإماراتي والإسرائيلي وخاصة الإسرائيلي سينهي كل التهويل الحالي حول الحرب بمغانم أميركية من السعودية والإمارات . ومن هذه المغانم للسعودية والامارات صفقات أسلحة جديدة واستثمارات مالية كبيرة منها في أمريكا لتنشيط الاقتصاد الأميركي وخلق فرص عمل جديدة فيه، وتقويض التقارب التركي الإيراني والذي باركته قطر لاعتقاد البعض في كل من السعودية والامارات انه موجه ضدهما، لذا نرى الهجمات الاقتصادية ضد تركيا تتوالى، أما إسرائيل فأنها ستحصل على تطمينات عملية كثيرة ومتنوعة، ومكافآت جديدة من الرصيد الفلسطيني، ومزيد من التطبيع العلني مع الدول العربية، وتحقيق حلم إسرائيل بإزاحة الرئيس التركي السيد رجب طيب اردوغان والذي بات يشكل خطراً عليها من وجهة نظرهم، وعليه سوف ترينا الأيام القادمة المزيد من وضوح الرؤية حول هذا الحدث والذي سيهز المنطقة بكاملها اذا ما وقعت الحرب لا سامح الله.
الدكتور عبد السلام ياسين السعدي – تركيا الآن