عـالـمـيـة

أزمة قمامة غير مسبوقة.. ما المخاوف الصحية التي تهدد العاصمة الفرنسية باريس؟

ضجت وسائل التواصل الاجتماعي الفرنسية والدولية بصور ومقاطع فيديو توثق أكوام القمامة التي أغرقت العاصمة باريس. بما في ذلك محيط قصر الإليزيه، الذي بدا مدخله وقد تكومت حوله أكياس النفايات السوداء. هذا نتيجة استمرار الإضراب الذي يخوضه عمال النظافة، احتجاجاً على رفع سن التقاعد الذي يفرضه مشروع الإصلاح الجديد لنظام المعاشات.

وأطلق مسؤولو المجالس البلدية للعاصمة الفرنسية، نداءات استغاثة لعدول العمال عن قرار الإضراب المفتوح. هذا وسط مخاوف من انتشار واسع للحشرات والفئران، وما يمثله ذلك من مخاطر كبيرة قد تهدد الصحة العامة لسكان المدينة.

أزمة القمامة

وفق تقديرات مساعد رئيس بلدية باريس، تغرق العاصمة في أكثر من 7000 طن من القمامة نتيجة الإضراب المفتوح الذي أعلن عنه عمال النظافة، والذي تخطى يومه العاشر، احتجاجاً على قرار الحكومة رفع سن التقاعد.

والثلاثاء، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية، أعطى وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، تعليماته لمفوضي شرطة المدن الفرنسي لتفعيل قانون الاستدعاء القصري، الذي يعطي للدولة صلاحية إجبار العمال المضربين على العودة إلى العمل في حال كان الإضراب يشكل مساساً بالنظام العام.

وبرر دارمانان قرار تفعيل القانون بـ”المخاطر الصحية” التي تمثل القمامة المتراكمة، وشدد على أنه “إذا لم تستجب البلديات، فالدولة ستؤي دورها”.

وفي ردود الفعل حول هذا الوضع وجه وزير النقل الفرنسي كليمنت بون الثلاثاء انتقاداً لاذعاً لعمدة باريس الاشتراكية آن هيدالغو. ووصف بون في تصريحات لقناة “فرانس 2” باريس بأنها “أصبحت كومة قمامة عملاقة في الهواء الطلق”، متهماً هيدالغو بأنها “لا تحرك ساكناً”.

ومن جانبها اعتبرت الوزيرة الجمهورية السابقة رشيدة داتي، الأمر مناسبة لإعادة هيكلة خدمات النظافة العمومية، بتوسيع الاعتماد على القطاع الخاص في هذا المجال. وأضافت داتي بأن هذه المهمة ستكون أولوية برنامجها الانتخابي عام 2026، التي ستخوضها من أجل منصب عمودية العاصمة.

فيما أعربت بلدية باريس على لسان نائب عمدة باريس المسؤول عن نظافة الأماكن العامة كولومب بروسوال، في مؤتمر صحفي، عن عزمها على اتخاذ تدابير طارئة للتخفيف من أزمة القمامة الحاصلة، بما فيها التنظيف المنتظم بعد كل سوق مواد غذائية، ونشر حاويات وصناديق حديدية للحد قدر الإمكان من ترك النفايات على الأرض.

وفي وقت سابق أعلن عمال جمع القمامة استجابتهم لدعوات لإضراب السابع من مارس/آذار، وحسب الأمين العامّ لنقابة القطاع غي مارتري، فإن المطلب الرئيسي هو التنازل عن رفع سن التقاعد، إذ “لن يموت كثير من جامعي القمامة الذين يبلغون من العمر 64 عاماً قبل تلك السن”.

ما المخاوف الصحية التي تهدد العاصمة الفرنسية باريس؟

تثير أزمة القمامة التي تشهدها العاصمة الفرنسية مخاوف صحية جدية. وهو ما حذّر منه دكتور علم السموم الحيوانية رومان لاسور الذي وصف الخطر الصحي بـ”المقلق جداً”، مشدداً على أنه “يجب ألا نقلل من المخاطر الميكروبيولوجية” لتكدس القمامة، وأن الرائحة التي تنبعث منها “تعكس استعمار البكتيريا للحاويات”.

وحسب مصادر طبية فرنسية فإن المخاطر الصحية لأزمة القمامة تأثر أولاً على الجهاز التنفسي، حين تبدأ النفايات العضوية في التحلل بعد عدة أيام تنتج غازات سامة كالكبريت وثاني أكسيد الكربون، وهو ما قد يسبب ضرراً للأشخاص الذين يعانون أمراضاً تنافسية أو داء الربو.

كما أن القمامة المكدسة قد تمثل بيئة مناسبة لانتشار البكتيريا السامة، التي يمكن أن تنتقل إلى الإنسان عن طريق اللمس أو التسرب إلى مياه الشرب والمياه الجوفية التي تستهلك بشكل مباشر من السكان.

إضافة إلى هذا تواجه باريس مخاطر غزو الجرذان، إذ تعد العاصمة الفرنسية إحدى المدن الأكثر اكتظاظاً بهذه الحيوانات، حيث يتراوح تعدادها بين 3.4 و4 مليون جرذ، بمعدَّل من 1.5 إلى 1.75 جرذ لكل فرد من سكان المدينة. وفي يوليو/تموز الماضي، كانت أكاديمية الطب الوطنية الفرنسية نشرت تحذيراً للتهديدات الصحية لانتشار الجرذان على سكان العاصمة.

وتمثل النفايات المنزلية، بخاصة بقايا الطعام، غذاءً مناسباً لهذه القوارض الضارة، ما يجذبها بأعداد هائلة إلى السطح مع تكدس القمامة في الشوارع. وتساهم هذه القوارض في نشر عدد من الأمراض الفيروسية والتعفنات الميكروبية إلى الإنسان، مثل داء السلمونيلا والديدان والسعفة وفيروسات هانتا.

زر الذهاب إلى الأعلى