مقالات و أراء

إعفاء محافظ المركزي العراقي.. ما علاقة إيران والدولار؟ (تحليل)

فتح إعفاء رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، لمحافظ البنك المركزي مصطفى غالب مخيف، باب التساؤلات للقرار الذي شكل مفاجأة للقطاع المصرفي وأسواق الصرف في البلاد.
والاثنين، أوردت وكالة الأنباء العراقية نقلا عن مصادر لم تسمها، أن قرار إعفاء محافظ البنك المركزي جاء بناء على طلب الأخير، دون أية تفاصيل أخرى.
في المقابل، قرر رئيس الوزراء تكليف علي محسن العلَّاق بإدارة البنك المركزي بالوكالة، بعد إعفاء مخيف من منصبه.
ويشغل العلّاق منصب محافظ العراق في صندوق النقد الدولي منذ عام 2014، ورئيس مجلس محافظي صندوق النقد العربي منذ 2020، ومحافظ العراق في الصندوق.
** ما علاقة واشنطن وإيران؟
تأتي الإقالة، بعد أيام قليلة من إعلان مسؤولين أمريكيين وعراقيين، أن الفيدرالي الأمريكي بدأ فرض ضوابط أكثر صرامة على المعاملات الدولية للدولار من قبل البنوك التجارية العراقية اعتبارا من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
والقرار، بحسب ما أوردته هذا الأسبوع “وول ستريت جورنال” نقلا عن مصادر أمريكية، يأتي للحد من غسيل الأموال والاستيلاء غير القانوني على الدولارات وتحويلها إلى إيران ودول أخرى في الشرق الأوسط تخضع لعقوبات.
وكانت البنوك العراقية تعمل بموجب قواعد أقل صرامة، منذ فترة وجيزة بعد الغزو الأمريكي عام 2003 الذي أطاح بالرئيس الراحل صدام حسين.
وبحسب بيانات رسمية عراقية، وصلت التحويلات النقدية الأمريكية قبل نوفمبر الماضي، 250 مليون دولار للعراق، حينها لم يكن البنك المركزي أو الجانب الأمريكي يملك معلومات كافية حول المكان النهائي لهذه الأموال.
ويعاني العراق منذ عقدين تذبذب وفرة النقد الأجنبي، وازدادت حدته خلال السنوات الخمس الماضية، على الرغم من كون بغداد إحدى أكبر 5 مصدّرين للنفط الخام عالميا بمتوسط يومي 3.3 ملايين برميل.
لتزويد العراق بالدولارات، تسلم الطائرات منصات نقالة من العملة الأمريكية إلى بغداد كل بضعة أشهر؛ وفق وول ستريت جورنال.
لكن المزيد من الدولارات تتدفق إلكترونيا في المعاملات التي تجريها البنوك العراقية الخاصة، والتي تتم معالجتها من الحسابات الرسمية لبغداد في بنك الاحتياطي الفيدرالي، حيث يتم إيداع عائدات مبيعات النفط.
أما إيران فترزح تحت عقوبات أمريكية وأوروبية أدت إلى غلق قنوات النقد الأجنبي الوارد إلى البلاد في محاولة للإضرار بالنظامين المالي والاقتصادي لطهران.
لكن إيران أعلنت في أكثر من مناسبة، أنها تحصل على نقد أجنبي أو ذهب مقابل جزء من عائدات تصدير النفط أو الغاز الطبيعي أو المشتقات إلى الخارج.
في المقابل، سوريا هي الأخرى تحت عقوبات أمريكية أدت إلى تجفيف قنوات دخول النقد الأجنبي إليها، الأمر الذي أدى إلى انهيار أسعار الصرف، وانتعاش السوق الموازية.
ويرجح أن جزءا كبيرا من هذه الأموال الأجنبية، ينتقل من العراق إلى كل من إيران وسوريا، وهو الأمر الذي دفع الفيدرالي الأمريكي لفرض القيود على تحويلات الدولار لبغداد.
أمام كل هذه المعطيات، يأتي قرار إعفاء مخيف من منصبه، بسبب عدم نجاح المركزي العراقي في تشديد القيود لمنع تخارج النقد الأجنبي عبر الحدود.
ومخيف هو رجل قانون وليس مصرفيا، تولى منصب محافظ المركزي في سبتمبر/ أيلول 2020، وكان قبل ذلك يعمل مديراً للدائرة القانونية في البنك المركزي.
وعقب القرار، اهتزت أسواق الصرف في العراق قليلا وتراجع الدينار 5 بالمئة أمام الدولار، بعد تراجعه 10 بالمئة منذ مطلع العام الجاري، على الرغم من إجراءات أعلنها البنك المركزي لزيادة معروض الدولار في السوق.

زر الذهاب إلى الأعلى