مقالات و أراء

الوضع مرعب في الولايات المتحدة: وفاة 5 آلاف .. العصابات المسلحة تقطع الطريق. هذا ما سيشعل فتيل حرب عالمية! وما دور بيل غيتس؟

هل يشعل فيروس كورونا فتيل الحرب العالمية؟ هل تتقاتل الدول فيما بينها؟ هل تندلع حروب أهلية في بعض البلدان؟

هل يتسبب الفيروس في أزمات عالمية أكبر من وبائه نفسه؟ هل يضع حجر أساس أزمة عالمية جديدة؟

هيا بنا نقيم الأمور بنظرة موضوعية.

لقد هز هذا الوباء صورة بعض الدول بطريقة فاضحة، فسوّى بمكانتها الأرض وكشف النقاب عن عجزها وقلة حيلتها وجوانب ضعفها ورفع الغطاء الذي لطالما ارتدته أمام الجميع.

لقد أثبت هذا الفيروس أن العديد من الدول لم تكن بهذه المكانة والقوة التي تظاهرت بها، وأن ثمة قلة حيلة لا نهاية لها تقبع تحت ذلك الفخر والثراء، وأن تلك البلدان لم تكن بهذا القدر من الحكمة، وأنها عاجزة حتى عن إدارة أزمة تفشي الوباء.

الفيروس ظهر في الصين لكنه ضرب أمريكا

تأتي الولايات المتحدة في مقدمة قائمة تلك الدول العاجزة. فالدولة التي عرف عنها الجميع أنها الأفضل في العالم في مجالات التكنولوجيا والأمن وإدارة رؤوس الأموال وغيرها من المجالات عجزت عن إدارة الأزمة أو إبطاء سرعة تفشي الوباء وحماية مواطنيها.

صحيح أن الفيروس ظهر في الصين وانتشر في كل مكان في العالم، لكنه ضرب أمريكا، لتصبح نيويورك مركز تفشي الوباء. وظهر أمام الجميع أن التضامن الاجتماعي في ذلك البلد العملاق ليس سوى هباء منثورا بعدما تربعت الولايات المتحدة في مقدمة أكثر البلدان التي سجلت حالات وفاة بواقع أكثر من 20 ألف حالة.

لقد تخلوا عن مواطنيهم أمام العالم أجمع وهم عاجزون عن تقديم يد العون لهم. كما أننا نسمع كل يوم تصريحات خطيرة تصدر من المسؤولين الأمريكيين.

مدنيون مسلحون يقطعون الطرق في أمريكا

اسمحوا لي أن أنقل لكم خبرا قرأته أمس. لقد خرجت مجموعات من الناس إلى الشوارع حاملين أسلحتهم في ولاية ميشيغان، فقطعوا الطرق ونظموا وقفة احتجاجية أمام مقر المجلس للتنديد بحظر التجوال الذي اتخذ قراره حاكم الولاية المنتمي للحزب الديمقراطي.

رفع المحتجون شعار “الفيروس لا يقتل، بل يفعل ذلك الاقتصاد”، ليكشفوا أمام الجميع انقساما اجتماعية وخطرا جديدا يهدد الأمن القومي الأمريكي.

لم يعد الأمر قاصرا على الوباء الذي بدأ يهدم الدول والحكومات ويقطع أواصر المجتمع، بل وكشف لنا جميعا أن الدول التي تحاول إدارة العالم – في الواقع – عجزة عن إدارة نفسها.

تشهد الولايات المتحدة انقسامات داخلية حادة بسبب فشلها في إدارة الأزمة، وهو السبب ذاته الذي دفع واشنطن للدخول في صراع مع بكين في محاولة منها للتستر على ضعفها وعيوبها.

ماذا حدث لأوروبا والولايات المتحدة اللتين تعتبران نفسيهما “آلهة العالم”؟

لقد فسد سحر فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا، وانهارت فكرة الدول الغنية والقوية والمتقدمة والنموذجية بعدما عجزت تلك الدول عن تقديم نموذج يحتذى به لمكافحة هذا الوباء بقوة بالرغم من كل الإمكانيات التي بين يديها. لقد نجح الكثير من الدول الأخرى الأكثر فقرا والأقل قوة في مواجهة الوباء وفشلوا هم. حسنا، ألن يتساءل الناس والعالم كله بشأن كيف حدث هذا؟

ماذا حدث للولايات المتحدة ودول أوروبا التي استعمرت العالم لمئات السنين ووضعت كل الأنظمة السياسية والاقتصادية وفرضتها على الجميع ولم تتحمل أن يتساءل أحد عن النظام الدولي الذي وضعته بل وأعلنت نفسها إلهة والأفضل في كل المجالات؟

تركيا تتحول للاعب دولي

لماذا نقل أردوغان اقتباس “من دنا سيعلو ومن علا سيدنو”؟

ماذا سيكون مصير تلك الدول؟ وما سيمكنها ان تمنحه للعالم والإنسانية؟ بأي من جوانبها ستكون دولا نموذجية يحتذى بها؟ بأي من مهاراتها ستقود الإنسانية لترشدها إلى الطريق القويم؟ هل هذا ممكن؟ بالطبع مستحيل…

لقد انتهى الطريق الذي مشوه يتبعهم العالم منذ مئات السنين.

لقد نجحت تركيا ودول آسيا حتى هذه اللحظة في إدارة أزمة كورونا، كما بدأت وسائل الإعلام الغربية تتحدث عن تركيا بوصفها “لاعبا دوليا جديدا”. إن تغير موازين القوى ومكانة الدول لا يحدث فقط من خلال الحروب الكبرى، بل يمكن أن يحدث كذلك من خلال التغيرات الاجتماعية وأي شيء يمكن أن يهز كيان الدول والمجتمعات. ولقد سرّع الوباء الحالي بشكل كبير من وتيرة التغيير المستمر منذ فترة على الساحة الدولية، هذا كل ما حدث.

ولقد نقل الرئيس أردوغان خلال القمة التضامنية لمكافحة وباء كورونا على هامش المؤتمر التركي العبارة التالية عن كتاب “قوتادغوبيليك” للعالم التركي الكبير يوسف خاص حاجب “من دنا سيعلو ومن علا سيدنو، ومن سطع سينطفئ، ومن ارتقى سيتوقف”.

فهذا هو حال تركيا وحال العالم في هذه اللحظة.

اندلاع الحرب الكلامية

أمريكا العاجزة تقول: “الصين نشرت الفيروس”

تخضع الولايات المتحدة وسائر الدول الغربية الآن لاختبار صعب، كما تختبر بشكل جذري السياسات الغربية الاستعمارية التي يرجع تاريخها لمئات السنين ومخططات النظام الاستعماري الجديد الذي وضعتها لتنفيذها خلال القرن الحادي والعشرين. ولو استمر الأمر بهذه السرعة ستعلن نهاية التاريخ بالنسبة للغرب.

تحاول أمريكا وأوروبا التستر على ضعفها وعجزها من خلال خوض الحروب الكلامية هنا وهناك. كما تتعالى أصوات التصريحات الغاضبة من دول الاتحاد الأوروبي المنتقدة للاتحاد. وتلقي الولايات المتحدة التهمة على المنظمات الدولية في محاولة منها لتبرئة نفسها، كما توجه الاتهامات لمنظمة التجارة العالمية.

تهاجم الولايات المتحدة الصين، وتقول هي وبريطانيا وإسرائيل إن الفيروس لم ينشأ بشكل طبيعي، بل أنتج في مختبر في ووهان الصينية التي نقل منها في جسد أحد الموظفين ليتفشى في بقية دول العالم. (مصدر هذا الادعاء هو الموساد الإسرائيلي!) وهو ما يدل على أنهم سيحملون الصين مسؤولية الخسائر الضخمة التي تعرضوا لها، ما سيترتب عليه إشعال فتيل صراع كبير للغاية.

الصين: جنود أمريكان جلبوا إلينا بالفيروس

ما دور بيل غيتس؟

ما هي محاكاة كورونا؟

وأما الصين فتزعم أن 300 جندي أمريكي شاركوا في مناورات عسكرية أقيمت في ووهان فيما بين 18 – 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأن تلك المناورات شارك بها أفراد من 100 دولة، وبناء عليه فقد نقل الجنود الأمريكان الفيروس خلال تلك الفترة إلى ووهان.

وتقول حكومة الصين إن مختبراتها اكتشفت فيروس كورونا بعد أسبوعين فقط من هذا الحدث. بل إن بعض الأوساط تدعي أن الجنود الأمريكان الذين سافروا إلى ووهان على صلة بمختبر عسكرية أمريكي في ولاية ميريلاند.

والأدهى من ذلك أن بكين تزعم أن محاكاة لفيروس كورونا أجريت خلال اجتماع عد برعاية المنتدى الاقتصادي العالمي ومؤسسة بيل غيتس وحضره شخصيات عن جهاز المخابرات الأمريكية (سي آي ايه) والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وموظفو بعض شركات الأدوية، وبعد ذلك ببضع أسابيع انطلق فيروس كورونا من ووهان الصينية.

أمريكا وأوروبا: الفشل والابتزاز السياسي والتهديد العسكري

لكن لا طريق للعودة

لا شك أن كل هذا ادعاءات وتخمينات، لكن يبدو أن الولايات المتحدة والصين تميلان إلى نقل الصراع بسرعة إلى هذا الاتجاه.

ستزيد شدة الاتهامات أكثر، كما سترتفع وتيرة الهجمات المتبادلة، وستحاول الدول تحميل بعضها البعض المسؤولية، وستبحث أمريكا وأوروبا عن كبش فداء للتستر على فشلها وعجزها. سترفع الدعاوى، وستصدر قرارات الحصار، وستشتد الحروب التجارية، كما ستبدأ الابتزازات السياسية والتهديدات أو استعراض القوة العسكري.

لكن أمريكا وأوروبا لن تستطيعا استعادة عظمتها وسحرها وثقتها القديمة، وستفقد قدرتها على ريادة العالم وتشكيل نموذج يحتذى به.

الوباء دفن حضارة الغرب

نهاية الأسطورة

العالم على شفا نقطة انكسار

لقد دفن وباء فيروس كورونا عظمة حضارة الغرب الممتدة منذ مئات السنين وأهال التراب على قوتها التي لا تقهر وقضى على الأسطورة. وبغض النظر عن توجيههم أصابع الاتهام نحو بعضهم البعض وإشعالهم فتيل الصراعات، فإن كل حساباتهم الخاصة بالقرن الحادي والعشرين صارت هباء منثورا.

يشعل وباء كورونا العديد من الجدالات الكبرى. ولقد بدأت عبارة “العالم لن يعود كما كان” تجسد نفسها كحقيقة ماثلة أمام أعيننا في هذه اللحظة. وسنشهد سطوع نجم قوى جديدة ستكون تركيا إحداها.

نهاية التاريخ “العظيم” للغرب… ومهما اعترضوا، فإن ما سيحدث يحدث الآن أمام أعيننا جميعا.

وبينما كنت منشغلا بكتابة هذا المقال نشرت وسائل الإعلام خبرا يشير إلى أن خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية فقط فقد 4 آلاف و931 مواطنا أمريكيا حياتهم بسبب كورونا! وهذا سبب كاف لإشعال فتيل حرب عالمية!

 

 

يني شفق – ابراهيم قراغول

زر الذهاب إلى الأعلى