مقالات و أراء

بعد استهداف منشآت أرامكو السعودية الجميع يحشو أسلحته لا تستخفوا بهذا الهجوم! .. ماذا لو سقط صاروخان على دبي؟!

كان الهجوم الذي نفذه الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن واستهدف شركة أرامكو السعودية للنفط أخطر هجوم حدث حتى يومنا هذا، وهي الواقعة التي سيكون لها نتائج أخطر بكثير من ارتفاع أسعار النفط.

لقد حول هذا الهجوم الحرب اليمنية إلى حرب سعودية، وهو ما كان أقوى إشارة على الزلزال الإقليمي الذي وضعوا له سيناريو في صورة الحرب العربية – الفارسية.

لم تعد القضية قضية الحوثيين أو حتى الحرب في اليمن، وهي الحرب الأهلية التي كانت في الواقع حربا سعودية – إيرانية. لكن هذه الحقيقة صارت علنية، وسيبدأ الطرفان يضربان بعضهما بشكل أكثر حدة.

أوقفت السعودية إنتاجها للنفط عقب الهجوم، ثم خفضته إلى 50%. ولهذا يجب التفكير فيما يمكن أن تفعله الإدارة السعودية في حالة حدوث هجوم جديد، وكذلك يجب تدبر النتائج الإقليمية والدولية لهذا الأمر.

سنهجم حتى لو غادر الأجانب!

أسلحتنا محشوة ونركز على الهدف!

أوضح الحوثيون أنهم نفذوا هجوم أرامكو باستخدام 10 طائرات مسيرة، كما نشروا أمس بيانا آخر زعموا فيه أنهم “سينفذون هجمات جديدة”، ووجهوا دعوة للأجانب يطالبونهم بـ”مغادرة المنطقة”.

كانت إيران هي المهتم الطبيعي، ذلك أن الحوثيين متعاونون معها مثلما هو الحال بالنسبة لحزب الله والحشد الشعبي. وإن لم توجه السعودية والإمارات الاتهام المباشر لإيران، فإن الولايات المتحدة وجهت اتهاما مباشرا لطهران. ولقد تعالت الأصوات من بين صفوف الإدارة الأمريكية لدرجة أننا رأينا قوة في موقف من ينادون بقولهم “فلنضرب نحن كذلك منشآت النفط الإيرانية”.

في الوقت الذي يقول فيه ترامب “نحن مستعدون للحرب، فأسلحتنا محشوة ونركز على الهدف”، ادعت مصادر أمريكية أن الهجوم نفذ بصاروخ موجه، وهو الادعاء الذي يضع إلى جانب الحوثيين كلا من إيران والحشد الشعبي في العراق في المقدمة بشكل مباشر.

كيف تناولت القمة الثلاثية في أنقرة أزمة أرامكو؟

لقد تعمقت الإدارة الأمريكية أكثر في هذا الشأن وأوضحت أنه اتضح خلال المباحثات التي جرت مع العراق أن الهجوم لم يشن من الأراضي العراقية. وترى واشنطن أن الهجوم إنما نفذ من الأراضي الإيرانية.

كان الحوثيون قد قصفوا سابقا قواعد جوية سعودية، كما استهدفوا مدينة جدة مرات عديدة، وأسقطت الدفاعات الجوية السعودية صواريخ بينما كانت تحلق في سماء مكة.

بينما كان العالم أمس يتابع هذه التهديدات المتبادلة على مدار الساعة، كانت قمة ثلاثية تجمع الرئيس التركي أردوغان مع نظيريه الروسي بوتين والإيراني روحاني وتعقد الدول الثلاث مباحثات ثنائية.

كل تحرك في المنطقة يهم تركيا

كان الموضوع الأساسي للمباحثات هم مستقبل إدلب وسوريا بوجه عام، غير أننا يمكننا القول إن الزعماء الثلاث تناولوا كذلك هذا التوتر المتزايد بوصفه جزءا من الأجندة ذات الأولوية. ذلك أن إيران كانت الهدف الأساسي لهذا التوتر. كما أصبحت روسيا دولة شرق أوسطية من خلال تدخلها في سوريا. وأما تركيا فكانت هي الدولة الوحيدة الواقعة في مركز كل تحرك ف سوريا أو المنطقة بشكل عام.

شهدت المباحثات صدمة أخرى، ألا وهي أن إيران صادرت في مضيق هرمز ناقلة تابعة للإمارات! لا يتراجع أحد خطوة للوراء، وكل تحرك يزيد من التوتر أكثر.

هناك أجواء في المنطقة تجعلنا نفكر في أن الولايات المتحدة وإسرائيل ستهاجمان إيران على الفور لو أصدرت السعودية تصريحا تقول فيه “إيران نفذت هجوما”، وهو ما يدعمه ارتفاع عدد الغارات الجوية التي شنتها إسرائيل خلال الشهرين الأخيرين ضد الأراضي السورية والعراقية.

“الحدود العربية – الفارسية” تنتقل إلى الأراضي العربية

ماذا سيحدث في المرحلة المقبلة؟

1- سيستمر التحريض الأمريكي – الإسرائيلي، وما هو يعني استمرار تصفية الحسابات غير المباشرة بين إيران والسعودية. كما ستواصل السعودية والإمارات الضغط على إيران عن طريق استغلال قوة أمريكا وإسرائيل، وأما إيران فستستمر في ضرب السعوديين من خلال القوات الموالية لها في لبنان والعراق وسوريا واليمن.

2- إن المخططات الأمريكية والإسرائيلية موجهة لتجهيز المنطقة لحرب عربية – فارسية جديدة، وهما لن تتراجعا ولو لخطوة إلى الوراء في هذا الشأن. لقد شهدت الأراضي العربية كل الحروب في المنطقة منذ عام 1991، كما كانت الدول العربية هي التي خسرت دائما.

كانت الحدود العربية – الفارسية هي الحدود العراقية – الإيرانية، ثم تراجعت هذه الحدو د إلى الحدود العراقية – السورية. واليوم تتقدم حدود الأراضي العربية إلى مركز المعركة في السعودية.

“حصانا طروادة” أمريكا/إسرائيل

جنون الأميرين سيحرق المنطقة

3- لا يبدو أن هجوم الولايات المتحدة وإسرائيل ضد إيران صراحة ممكنا. وإن الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا هي التي تضع تعريفا لـ”التهديد إيراني” بالنسبة للسعودية وسائر دول الخليج. وأما إيران فتدعم هذه الفرضية من خلال تصرفاتها.

4- كنت قد كتبت في مقالاتي دائما إن “السعودية هي الهدف الأساسي”. ولا أزال أحمل الرأي ذاته؛ إذ إن استمرار الوضع الحالي أو نشوب حرب صريحة يمكن أن يؤدي إلى تمزيق أراضي السعودية، ذلك أن الفخ نصب لها.

5- يلعب وليا العهد السعودي بن سلمان والإماراتي بن زايد دور “حصاني طروادة” لمخطط الحرب الإقليمية الجديدة التي تروج لها أمريكا وإسرائيل. فهناك أعمال جنونية تجرب من خلال هذين الصقْرين، لكنهما وليا عهد أرعنان. ولو نجحوا في ذلك فالمنطقة كلها ستتحمل فاتورة ذلك الجنون ولن تنجو من ذلك أي دولة في المنطقة.

“استفزاز إيران وتخويف السعودية”

إنهم ينتظرون تكامل الظروف

6- إن رد الفعل السعودي على حصار إيران للسعودية من خلال اليمن هو رد فعل مشروع، غير أن رد فعل إيران على سماح السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي للجيوش الأمريكية والغربية بالاحتشاد في الخليج هو الآخر رد فعل مشروع.

7- هناك من وضع ويضع سيناريوهات مبنية على “استفزاز إيران وتخويف السعودية”، فهم يستغلون هذه السيناريوهات لتصفية الحسابات فيما بينهم. ولن يكون الحرب بينهما بأي حال هي نتيجة تصفية الحسابات هذه.

8- ليس هناك للأسف أي آلية يمكنها إثناء الأطراف عن هذا الطريق الخطير أو تهدئتها. وأما ما قاله ترامب بعبارة “أسلحتنا جاهزة ونركز على الهدف” فيشير إلى أنهم ينتظرون أن تكون الظروف مواتية. ولم يعد يخفى على أحد أنهم سيزيدون من التوتر بمرور الأيام لتحقيق هذا الهدف.

هذه الحرب ستضرب السعودية في قلبها

خطأ كبير: لقد خسروا تركيا

9- إن الخطوة التالية للوضع الحالي تعني نشوب الحرب مجددا في لبنان والعراق، كما تعنى إعادة تحديد الهدف في حرب سوريا وتعقد الأمور أكثر في اليمن. وهكذا تتحول الحرب إلى حرب إقليمية. ولا شك أننا يمكننا أن نتوقع ما الثمن الذي ستدفعه كل دولة بسبب هذه العاصفة، لكن هناك حقيقة لا غبار عليها ألا وهي أن هذه الحرب ستضرب السعودية في قلبها.

10- لقد كان أكبر خطأ وقعت فيه الإدارة السعودية في ظل هذه الظروف الإقليمية المتوترة هو خسارتها تركيا. وإن حزام الإرهاب الذي حاولت إقامته في شمال سوريا بالتعاون مع الإمارات وأمريكا وإسرائيل ليبرهن على أن السعودية تقف في صف الجبهة الصريحة المضادة لتركيا وأنها تدير حربا ضدها.

11- إن الذين قالوا للسعودية إن إيران تهددها قالوا لها كذلك هذه المرة إن تركيا تهددها، وهو ما صدقته السعودية. بل لم تكتف بالتصديق، لكنها بدأت توجيه الضربات لتركيا في “الداخل” والمنطقة كلها. ولم يعد لدى الإدارة السعودية أي فرصة لترى تركيا تقف بجانبها عند هبوب أي عاصفة إقليمية.

صاروخان إيرانيان لاستهداف دبي:

لن يبقى دولة اسمها الإمارات

12- وأما الإمارات فتعتبر القاعدة الأساسية لمعاداة تركيا. ومن ناحية أخرى تسعى هذه الدولة لإشعال فتيل الصراع بين السعودية وإيران، ولا يمكن أن يكون هناك فكر غير عقلاني بقدر رغبة الإمارات الشديدة في خوض حرب ضد إيران. ولو سقط صاروخان إيرانيا على دبي فلن يبقى هناك شيء اسمه الإمارات ولا اقتصادها…

13- لقد تحولت الحرب في سوريا إلى حرب عالمية. وكانت سوريا هي النقطة الحرجة في المنطقة كلها، لكن هذه المشكلة حلت، غير أنهم عادوا ليعقدوا العقدة من جديد. بيد أننا اليوم أمام سيناريو سيحرق المنطقة كلها من البحر الأحمر غربا إلى الخليج العربي شرقا.

الاستيلاء على المنطقة واحتشاد الجيوش الغربية على أراضيها

14- لا يهم إذا أطلقتم على هذه الحرب “الحرب العربية – الفارسية” أو “الحرب الأهلية الإسلامية”. بل يمكننا أن نسميها “الاستيلاء على المنطقة بأكملها”. ذلك أنها ستكون لن تربح فيها أي دولة من دول المنطقة، لأنها ستسفر عن تدمير المنطقة واحتشاد كل الجيوش على أراضيها.

وحينها سنبكي على ما سيحدث لنا بسبب حمقى هذه المنطقة.

 

ابراهيم قراغل

زر الذهاب إلى الأعلى