مقالات و أراء

تركيا مؤهلة لخلق بديلٍ عن الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا

يعد مشروع طريق التنمية بين تركيا والعراق بديلاً مهماً قد يكون أكثر كفاءةً، حيث أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المتصاعد يسبب القلق بشأن مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا المقترح مؤخراً، وفقاً لأحد المحللين.

 

وقال الدكتور نظم الإسلام، أستاذ العلوم السياسية في جامعة أنقرة يلدريم بيازيد، إن “مشروع طريق التنمية بين تركيا والعراق يعد مبادرة بديلةً مهمة من حيث نطاقه وخصائصه”. موضحاً أن “الطبيعة المتجانسة” للمشروع توفر العديد من الفرص البديلة للجهات الفاعلة العالمية، وخاصة المهتمين بهذا الخيار الراسخ.

 

وتعتبر التحديات الأمنية الناجمة عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني تهديدات محتملة لجدوى واستمرارية مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا المرمز له بالحروف الأولى IMEC، على المدى الطويل. وخاصةً أن إحدى النقاط الوسطى للمر المقترح تقع في إسرائيل، ما يجعل التصعيد المتزايد حالياً في المنطقة مدعاةً للقلق فيما يتعلق بالمشروع .

وتم الكشف عن المشروع الذي يهدف إلى ربط الهند بأوروبا عبر طريق يمر بالإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والأردن وإسرائيل واليونان، في قمة مجموعة العشرين في نيودلهي في سبتمبر/أيلول.

 

وفي حين أن الدول الموقعة على المذكرة لم تقدم تعهداً مالياً ملزماً، إلا أنها وافقت على إعداد “خطة عمل” لإنشاء الممر في غضون شهرين.

 

وقال إسلام إنه عند النظر في هذه المبادرة، فإن إحدى المزايا الجديرة بالملاحظة لمشروع طريق التنمية بين تركيا والعراق هي “وجود خط سكك حديدية قائم يمتد جنوباً من الموصل”، مضيفاً أن الجهود المبذولة لتجديد السكك الحديدية والمحطات في العراق جارية.

 

وأشار إلى أن هناك جانباً مهماً آخر وهو “علاقات تركيا القوية مع أربيل”، والتي يمكن أن تعزز مرونة المشروع، حتى في مواجهة الاضطرابات السياسية الداخلية في العراق.

 

وأوضح بالقول: “بالإضافة إلى ذلك، فإن استراتيجية تركيا الإقليمية لدمج المشروع مع قطر والإمارات العربية المتحدة تعزز قابليته للاستمرار على المدى الطويل بشكل كبير”.

وشدد إسلام على أن الموقع الاستراتيجي للمشروع يسلط الضوء أيضاً على دوره الحاسم ضمن شبكات النقل العالمية، كما يتضح من أزمة قناة السويس الأخيرة، عندما واجهت الأسواق العالمية انقطاعات في الإمدادات بعد أن أغلقت سفينة الحاويات إيفر غيفن التي يبلغ طولها 400 متر قناة السويس في 23 مارس/آذار 2021، ما أعاق حركة المرور في الممر المائي بالكامل لمدة 6 أيام.

 

ومن خلال شبكة السكك الحديدية والطرق التي يبلغ طولها 745 ميلاً، من المتوقع أن يربط مشروع طريق التنمية بين تركيا والعراق، ميناء الفاو الكبير المخطط له جنوب العراق بالحدود التركية.

 

وتبلغ التكلفة التقديرية للمشروع 17 مليار دولار، ومن المقرر الانتهاء من المرحلة الأولى بحلول عام 2028.

 

وسيتم الانتهاء من المشروع على 3 مراحل بحلول 2028 و2033 و2050 وسيُفتح العراق على العالم عبر تركيا.

 

وتضع هذه المبادرة تركيا في نقطة مركزية الترابط الإقليمي، خاصة وأن أوروبا تبحث عن شركاء جدد في مجال الطاقة منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.

 

ويسهل المشروع تنويع أسواق الطاقة، ما يوفر للدول الأوروبية المزيد من البدائل.

 

وتلعب تركيا دوراً محورياً في هذا الاتصال، حيث تعمل كمركز توزيع للمواد الخام والسلع القادمة عبر العراق.

 

آفاق التعاون مفتوحة بين المشروعين

 

وتطرق إسلام أيضاً إلى إمكانية التعاون بين مشروع طريق التنمية وIMEC، قائلاً: “على المدى القصير، يبدو أن كلتا المبادرتين ستتنافسان في المنطقة. ومع ذلك، ومن أجل اتباع استراتيجية مربحة للجانبين وإجراء تحليل للتكلفة والعائد، فمن المحتمل جداً أن يحقق التعاون بين هذين المشروعين نجاحاً أكبر، ليس فقط في المنطقة ولكن خارجها أيضاً”.

 

وقال إسلام إنه بالرغم من بعض الاختلافات السياسية المحتملة بين الجهات الفاعلة في مبادرة IMEC، إلا أنهم جميعاً يدركون الأهمية الكبيرة للتواصل مع أنقرة من أجل التجارة والأمن.

 

وأضاف: “علاوة على ذلك، فإن أهمية تركيا بالنسبة إلى IMEC واضحة إذ أنه بدون مشاركتها، سيفتقر المشروع إلى نقاط التكامل الحاسمة التي تسد الفجوة بين الشرق والغرب”.

 

ونوّه المحلل الأكاديمي إلى أن الممر الاقتصادي قد يحقق بعض النجاح الأولي، لكنه من المرجح أن يواجه تحديات كبيرة في ضمان استدامة سياساته على المدى الطويل، وخاصة في مناطق البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط.

 

هذا وقد شدد الرئيس رجب طيب أردوغان على أهمية مشروع طريق التنمية خلال اجتماعاته الثنائية مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول.

 

وأطلق على المشروع في البداية اسم القناة الجافة، ولكن تمت إعادة تسميته مشروع طريق التنمية، خلال اجتماع بين أردوغان والسوداني في مارس/آذار، واعتبر أساس الاقتصاد المستدام غير النفطي.

زر الذهاب إلى الأعلى