اقـتصــاديـة

شلل تام وانخفاض حاد للعملة.. بلد عربي قاب قوسين أو أدنى من الانهيار الاقتصادي

على وقع احتدام أزمة الركود التضخمي وارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية واضطراب سلاسل التوريد التي تضرب العالم، تكشفت هشاشة البنى الاقتصادية لكثير من الدول العربية

لا سيما في بلدان مثل لبنان ومصر والسودان وسوريا وتونس واليمن، مما فاقم من معاناة المواطنين بالتزامن مع انهيارات غير مسبوقة في سعر صرف العملات المحلية التي ترتبط بشكل كبير بالدولار الأميركي.

من بين مؤشرات كثيرة على حجم الضرر الذي أصاب اقتصادات تلك البلدان عما سواهم، يبقى سؤال العملة وتراجع قيمتها أمام العملات الأجنبية، وما إذا كان مرتبطاً بأبعاد اقتصادية فحسب أم باختلال في بنية الدولة وسياساتها المتبعة وقوانينها الحاكمة للمسار الاقتصادي

وذلك في وقت تجمع غالب التقارير وتحليلات للمؤسسات الدولية على مدى صعوبة وخطورة العام الجديد 2023، في مقابل فرص شحيحة للنجاة وتجاوز التحديات، مع سيطرة الغموض وعدم اليقين على الاقتصاد العالمي.

وتسود الأسواق المصرية حالة من الشلل في البيع والشراء، مع انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي، حيث بلغ سعر صرفه مقابل الدولار، الجمعة، 30.2174 جنيه شراء و30.3129 للمبيع حسب نشرة البنك المركزي المصري.

وتتصاعد أسعار السلع في الأسواق، بداية من الألبان والدجاج واللحوم، ومروراً بالحديد والإسمنت والأدوية وانتهاء بمستلزمات المصانع وقطع الغيار والسيارات.

وترتفع الأسعار يومياً، وبطريقة عشوائية، بينما يقول عنها مسؤولون: إنَّها حالة مؤقتة ستنتهي بعد أن تظهر قيمة ما تفعله الحكومة المصرية من تسهيلات للموردين والمصنعين في السوق.

ويدفع الغلاء المواطنين إلى تخفيض مشترياتهم إلى الحد الأدنى، وهو ما يظهر في كثرة العروض الخاصة التي تعلنها المحلات بالأسواق الكبرى، والشركات العقارية ومحلات لعروض بيع المأكولات والرحلات والكتب مع تسهيلات بالتقسيط عبر ضمانات ببطاقات الدفع الإلكتروني.

من جهته، يؤكد خبير التمويل والاستثمار وائل النحاس، أنَّ هناك حالة من الشلل التام في الأسواق، وتوقف في عجلة الإنتاج، فلا بيع ولا شراء.

موضحاً لـ”العربي الجديد”، أنَّ هناك تراجعاً في العرض وهدوءاً في الطلب، لأنَّ التجار إذا بادروا ببيع السلع التي استوردوها أو بحوزتهم، يخشون من تدهور الجنيه، ولن يجدوا من يوفر لهم الدولار لاستيراد بدائل أخرى. ويضيف خبير التمويل والاستثمار: “حالة الشلل التام مستحكمة بالأسواق، والكل ينتظر انفجار فقاعة، كما حدث مع الفقاعة السعرية التي بدأت تظهر في قطاع العقارات، وجلية في حجم التسهيلات من المطورين والبائعين، بينما تراجع الطلب على الشراء بشدة”.

وتوقع النحاس أن تحدث ردود عنيفة بالأسواق نتيجة استمرار الموردين في الطلب على الدولار، مع تجدد رغبتهم في استيراد صفقات للأشهر المقبلة، مع فتح أسواق الصين المعطلة منذ فترة، واحتياجات رمضان والأعياد، واستكمال طلبات المصانع. ويؤكد خبير التمويل والاستثمار أن الحكومة لم تستطع السيطرة على سوق الدولار، رغم التحركات الأمنية الواسعة،

مشيراً إلى تجميع تجار كميات هائلة من العملة الصعبة في السوق الموازية، دون أن يعيدوا ضخها في السوق مرة أخرى، انتظاراً لما ستسفر عنه تصرفات الحكومة مع الواردات وبيع الأصول العامة خلال المرحلة المقبلة. في المقابل، يأمل رئيس شعبة المواد الغذائية بالغرفة التجارية بالإسكندرية حازم المنوفي، في أن يؤدي استمرار توفير السلع والإفراج الجمركي إلى “توفير السلع وخفض الأسعار”.

وعلى مدار الأيام الماضية، بشّر رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في جولات ميدانية ومؤتمر اقتصادي موسع، بأن البلاد خرجت من أزمة البضائع المتراكمة في الموانئ وعادت المصانع للعمل بكامل طاقتها، بعدما توفر لديها مخزون من مستلزمات الإنتاج يكفيها شهرين. بينما يتراجع الجنيه في البنوك، ويرفع من معدلات التضخم.

وفي هذا السياق، يؤكد رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية، عماد قناوي، في بيان، أنَّ الأزمة الحالية في أسعار وتوافر السلع ناتجة عن ضبابية المستقبل، وعدم وضوح الرؤية لكل من المنتج والمستهلك، بما يوجد تهافتاً على السلع محدودة الكمية، ويضع تسعيرها خارج نطاق العرض والطلب.

 

زر الذهاب إلى الأعلى