مقالات و أراء

فوائد النفوذ التركي في العالم القديم

تعتبر تركيا أن ليبيا جبهة رئيسية لها في شمال إفريقيا وتريد نجاح الدولة الليبية بما يمثله ذلك من نجاح للمبادئ النبيلة التي تتبناها السياسة التركية المناهضة للاستبداد والمؤيدة لحق الشعوب بالعيش بسلام ورفاه.

إن استقرار ليبيا سيفتح مجال إعادة إعمارها للشركات التركية ويحقق النهوض للدولة الليبية بما تملكه من ثروات كبيرة وشعب صديق.

 

سيعزز اتفاق الجرف القاري بما يحمله من مصالح مشتركة في حقول النفط والغاز فوائد لتركيا هي في أمس الحاجة لها كقواعد أساسية لازمة لنهضتها الاقتصادية والعسكرية.

سيفتح نجاح تركيا في بناء الدولة الديمقراطية المستقرة في ليبيا الطريق للدخول على دول شمال ووسط إفريقيا بما تمثل من استثمار كبير ومصالح مشتركة، وتنافس بذلك فرنسا التي تسعى جاهدة لإبعاد تركيا عن إفريقيا التي تعتبرها مستعمرة خاصة لها تفعل في أنظمتها وثرواتها ما تشاء.

 

إن وجود دولة ديمقراطية مستقرة في ليبيا سيمثل ضغطا على النظام العسكري في مصر وسيؤدي لتخفيف الضغط المبالغ فيه على القوى المنادية بالديمقراطية وعلى التيار الإسلامي الذي تعرض للسحق، ليستعيد نشاطه وتأثيره في الحياة السياسية المصرية.

تعي مصر أن قوة تركيا ضعف لنظامها العسكري وتهديد لمصالحها الأمنيه وتحالفها مع إسرائيل وهي تعي أيضا أن النفوذ التركي سيقلل إلى حد كبير من هيمنة القوة الإسرائيلية وتأثيرها في الشرق الأوسط كله.

وغني عن البيان أن مصر تجد أن ضعف نفوذ أوروبا في مواجهة تركيا معناه انكشافها وإسرائيل للقوة التركية في القريب العاجل.

تعتبر الصومال الآن دولة مرتبطة بتركيا على المستوى الاستراتيجي، وكذلك ليبيا ما يعطي لتركيا حرية حركة واسعة في مناطق مفصلية في إفريقيا مهددة مصالح المستعمرين التاريخيين.

حاولت تركيا تحرير تونس والجزائر من النفوذ الفرنسي ولم تنجح.

حققت السياسة التركية نجاحا في المغرب وذلك بفضل عراقة الحكم في المغرب وسلامة تقديره للمصالح المشتركة ووجود قاعدة شعبية داعمة للتقارب مع تركيا.

قد تخترق الدبلوماسية التركية عبر لغة المصالح والمنافع جمهورية موريتانيا حيث تتمتع الإمارات بنفوذ وتأثير سياسي كبير لكنه نفوذ على الشخصيات السياسية هناك لا يقوم على مبدأ تبادل المصالح بين بلدين صديقين، ما سيؤدي إلى تراجع النفوذ الإماراتي أمام المنافع الحقيقية التي تقدمها السياسة التركية لحلفاءها.

سينتقل التأثير التركي في مرحلة لاحقة إلى السنيغال وقد يكون ذلك بعد 2022.

إن تركيا تستعيد دورها العالمي العثماني وكل العالم يحسب حسابها، وأوروبا مرعوبة من نهضة تركيا بتراثها الإسلامي العثماني العريق وبقوة زعيمها أردوغان.

مع ذلك أثبت أردوغان مهارة فائقة في المناورة وفهم حقائق القوة في كل مرحلة فهو يعرف الوقت المناسب للتراجع خطوة ومتى تلوح الفرصة يتقدم خطوتين.

إن براغماتية السياسة التركية وتطور قوتها العسكرية والاقتصادية الصاعدة تشير إلى قرب قيام دولة مسلمة قوية وسط العالم القديم، تملك تأثيرا يتفوق على أوروبا مجتمعة، ويواجه النفوذ الروسي، ويخفف الأعباء على الحليف الأمريكي المنكفئ والمنشغل بمواجهة الصين.

من الخطأ الجسيم لدول الخليج تجاهل فوائد القوة التركية والتمسك بوهم القوة الأمريكية الآفلة.

إنني أخشى أنه إذا استمرت السعودية والإمارات في مناكفة السياسة التركية والمشاركة في الحرب على الليرة التركية، سيعطي تركيا المبرر وستجد الوسيلة للتدخل في اليمن ونسف أي تأثير للسعودية والإمارات على الوضع في اليمن والانتصار للشعب اليمني الذي بدأ ينادي بتدخل تركيا لوضع حد للحرب هناك.

تركيا اليوم تمثل قوة عالمية صديقة بنظر الشعوب، وتتطلع شعوب المنطقة للتعامل مع قوة تركيا النظيفة للتخلص من نجاسة السياسه الاستعمارية الغربية المعادية للشعوب.

زر الذهاب إلى الأعلى