مقالات و أراء

فورين بوليسي الأمريكية: الرابح الأكبر هو الرئيس التركي أردوغان

نشرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية تقريرا تحليليا للخطوات التي يمكن أن تتخذها تركيا تحت قيادة أردوغان. جاء التقرير تحت عنوان ” ما أهداف أردوغان في ولايته الثالثة؟. وذكر التقرير أن الرئيس أردوغان لديه أولوية تتركز في هدفين: أولا حضور تركي فاعل على الساحة الدولية مستقل عن توجيهات الغرب وبالتحديد الولايات المتحدة، ثانيا تحقيق مكاسب و نفوذ لتركيا داخل مؤسسات غربية كالناتو خدمة لهدفه الاول.

لم يهزم تحالف الأمة المعارض أمام الرئيس أردوغان في الانتخابات الأخيرة فحسب، بل هُزمت أيضا واشنطن وبروكسل، اللتان دعمتا علنا كليجدار أوغلو، حيث صرحتا أنهما سيطيحان بحكومة أردوغان. وعلى إثر هذه الهزيمة الثقيلة، تزداد الضغوطات على كليجدار أوغلو من داخل الحزب لكي يستقيل من رئاسته.

ونتيجة هذه الضغوطات، اعترف كليجدار أوغلو علنا بأن إمام أوغلو ومنصور يافاش، المفضلين لدى الكونغرس الأمريكي، كانا مسؤولين أيضا عن الخسارة. كليجدار أوغلو محق في هذا. فرؤساء بلديتي إسطنبول وأنقرة وزعيمة حزب الجيد هم من بين الخاسرين لأنهم دعموا كليجدار أوغلو-حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات.

فالرابح الوحيد هو الرئيس أردوغان والإرادة الوطنية.

وبالفعل لقد أشار تقرير مجلة بوليسي إلى أن كلا من بروكسل وواشنطن تحاولان تحقيق مجموعة من الأهداف السياسية الفردية، مؤكدا أن الرابح الأكبر هو أردوغان.

وأوضح التقرير التحليلي أن الرئيس أردوغان هو الذي حدد لهجة العلاقات والأجندة مع الغرب. وقال: “سيواصل أردوغان الدفاع عن نفوذه الإقليمي بطريقة تزعج الغرب”. وذكر التقرير أن أردوغان سيواصل تعميق علاقاته مع الرئيس فلاديمير بوتين.

دور تركيا الحيوي

وأكد التقرير على دور تركيا الحيوي في كبح جماح روسيا في أوكرانيا والتشديد على بيع الأسلحة رئيسية، سيؤكد أردوغان على أهمية تركيا الأساسية للغرب: “باعت أنقرة طائرات بدون طيار تركية الصنع من طراز بيرقدار تي بي 2 إلى كييف منذ بداية اندلاع الحرب. وبنفس الوقت توسطت في اتفاقية شحن الحبوب مع روسيا، مما سهل بيع الحبوب الأوكرانية إلى الأسواق العالمية ومنع أزمة الغذاء العالمية”.

أردوغان لا يتصرف وفقا لما يريده الغرب

وشدد التقرير على موقف تركيا الحازم في السياسة الخارجية، مشيرا إلى أردوغان يعتزم تعزيز نفوذه، خاصة داخل الناتو والاتحاد الأوروبي. وأصبحت تركيا أكثر فعالية في السياسة العالمية لذلك تريد أن تفعل ذلك وفقا لمصالح بلدها، وليس وفقا لمصالح الولايات المتحدة ومحورها.

هل يريد الرئيس الأمريكي بايدن أن يكون صديقا مع أنقرة؟ كل الأنظار تتجه نحو على أردوغان!

شارك التقرير التحليلات القائلة بأن إدارة بايدن تريد الحفاظ على علاقة صادقة مع أنقرة، التي تنتهج سياسة التوازن. وقال: “البيت الأبيض لا يريد أن تكون تركيا تحت تأثير بوتين بالكامل. يتعين على تركيا شراء طائرات من مكان ما، ويمكن أن يكون ذلك المكان من الغرب. ومع ذلك، ليس لدى الرئيس أردوغان أي نية لإقامة علاقة ودية مع بايدن خارج العلاقات الرسمية. وأضاف التقرير: الخلافات الأخيرة التي جرت بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي جو بايدن، هل تعد مؤشر ضعف للولايات المتحدة والرئيس بايدن؟ هل تهديد بن سلمان بأنه سيقوم بإلحاق الضرر بالاقتصاد الأمريكي علامة على ضعف الولايات المتحدة والرئيس بايدن؟

فهل الذين يعتقدون أنهم سيسقطون الحكومة في تركيا من خلال دعم المعارضة سيقبلون هذه اليد التي لا يستطيعون الانحناء لها اليوم؟

من ناحية أخرى، أكد التقرير على أن الأنظار تتجه اليوم نحو أردوغان،متوقعا أن تعطي أنقرة الضوء الأخضر لعضوية السويد في حلف الناتو خلال قمة يوليو/تموز القادم.

هل ستمنح تركيا السويد تأشيرة الناتو قبل انعقاد قمة الناتو المقبلة؟

لقد كرر وزير الخارجية هاكان فيدان، الذي التقى وزيري خارجية الولايات المتحدة والسويد، دعوته إلى اتخاذ “خطوات ملموسة” وأصر نظيريه على مشاركة السويد لإظهار وحدة الناتو وتضامنه في قمة الحلف المقبلة التي ستعقد يومي 11 و12 يوليو/تموز. أما اجتماع الآلية الدائمة المشتركة الذي سيعقد في الأسبوع المقبل سيكون له أهمية كبيرة في تشكيل القرار بشأن عضوية السويد. ويتوقع حلف الناتو وجميع الأعضاء البارزين في الحلف، وخاصة الولايات المتحدة، أن توافق تركيا على انضمام السويد إلى الحلف قبل أو بعد قمة قادة الناتو التي ستعقد في العاصمة الليتوانية فيلنيوس يومي 11 و12 يوليو/تموز. في رأيي، هذا صعب جدا، بل إنه مستحيل، على ما أعتقد. ومع ذلك، إذا كانت الأمر من أجل مصالح تركيا ، فإن القرار هو بلا شك قرار دولتنا!

وتشير التوقعات إلى أن أنقرة، التي وافقت على عضوية فنلندا في حلف الناتو، ستقوم بعملية مماثلة بشأن عضوبة السويد. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن أنشطة الجماعات التي تتخذ من السويد مقرا لها “لا تزال مرتبطة بتنظيم “بي كي كي” الإرهابي وأن أدواتها المالية والدعائية لم يتم إيقافها بالكامل. حتى خلال الفترة التي التقى فيها الأمين العام لحلف الناتو ستولتنبرغ بالرئيس أردوغان وكبار المسؤولين المعنيين حول هذه القضية، وقفت الشرطة السويدية متفرجة على إهانات واستفزازات أنصار تنظيم بي كي كي الإرهابي، الذين نفذوا أيضا أعمالا استفزازية في سويسرا بإذن من الدولة. وفقا لتقارير وسائل الإعلام السويدية، “كان واضحا من استفزازات أنصار بي كي كي الإرهابي في ستوكهولم أن قانون مكافحة الإرهاب الجديد، الذي دخل حيز التنفيذ في 1 يونيو/حزيران، لم يكن له أي تأثير على منعهم من الاستفزازات والإهانة والشتائم تحت ستار المظاهرات.

بصرف النظر عن هذه المسألة، كان التوقعان الرئيسيان لتركيا من الولايات المتحدة هما الموافقة على بيع طائرات مقاتلة من طراز إف-16 بموافقة الكونغرس في أقرب وقت، وإنهاء الدعم المقدم لتنظيم بي كي كي/واي بي جي الإرهابي في سوريا.

إذا كان الأمر يتعلق بإعطاء تركيا الضوء الأخضر لعضوية السويد في حلف الناتو، أتمنى ألا يتسبب الناتو وبوتين في اندلاع حرب نووية، ولا سيما أن الأخير هدد بأن روسيا ستنشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا ردا على نشر الناتو أسلحة نووية في بلدان أخرى.

مقال تحليلي للكاتب التركي بولنت أوراك أوغلو، نشرته صحيفة يني شفق

زر الذهاب إلى الأعلى