عـالـمـيـة

ما هو مشروع “مارشال السوري” الذي طلبه الشرع من ترامب؟

  • تكتسب زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى منطقة الخليج، المقررة بين 13 و16 مايو/أيار 2025، أهمية استثنائية وسط تصاعد التحديات الجيوسياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط. ففي حين تتصدر ملفات الاستثمار والطاقة والأمن الإقليمي أجندة الزيارة، تبرز مبادرة غير مسبوقة: “مشروع مارشال السوري” كطرح استراتيجي لإعادة إعمار سوريا وبناء توازن إقليمي قائم على التنمية بدلًا من النزاع.


    🔹 ما هو مشروع مارشال التاريخي؟
    أُطلق “مشروع مارشال” الأصلي عام 1947، بتمويل أميركي تجاوز 13 مليار دولار، بهدف إعادة إعمار أوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية. على مدى أربع سنوات (1948–1952)، تمكنت دول أوروبا من استعادة عافيتها الاقتصادية، وتحقيق معدلات نمو عالية، مما شكّل نموذجًا عالميًا لإعادة البناء بعد النزاعات.


    🔹 مارشال بنكهة سورية: مبادرة اقتصادية أم بوابة سياسية؟
    في تحول لافت، أشار الرئيس السوري أحمد الشرع خلال زيارته الأخيرة إلى فرنسا إلى فكرة “مشروع مارشال سوري”، مؤكدًا استعداده للانفتاح على الغرب، بما في ذلك الولايات المتحدة. وقد أفادت تقارير بأن الشرع بعث برسائل إلى البيت الأبيض، مقترحًا لقاءً مباشرًا مع ترامب لعرض رؤية شاملة لإعادة إعمار سوريا على أسس تنموية.
    الطرح يهدف إلى جذب دعم دولي حقيقي، لا لإعادة إعمار البنية التحتية فقط، بل لإعادة صياغة الدولة السورية سياسيًا واقتصاديًا، وإعادة تموضعها كمركز استقرار في المنطقة.


    🔹 معالم المشروع: تنمية لا تكرار للأخطاء
    يتجاوز المشروع الطابع التقليدي للمساعدات أو العقود، ويقدّم خطة متكاملة تقوم على:
    بناء مؤسسات مدنية مستقلة.
    دعم العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية.
    تحفيز الاقتصاد الإنتاجي بعيدًا عن الريعية.
    تأسيس بنية تحتية تكنولوجية وسياحية عصرية.
    وتُقدَّر كلفته بـأكثر من 250 مليار دولار، تمتد على ثلاث مراحل حتى عام 2035، بتمويل خليجي وأميركي وأوروبي، إلى جانب شراكات من القطاع الخاص.


    🔹 الخليج وأوروبا: شركاء في صياغة شرق أوسط جديد
    الرؤية تتخطى الحدود السورية، وتطمح لربط سوريا بمنظومة إقليمية تشمل:
    الخليج، تركيا، وأوروبا عبر شبكات الطاقة والموانئ.
    تحويل سوريا إلى ممر استراتيجي للتجارة والطاقة.
    احتواء الهجرة غير النظامية والتطرف عبر التنمية.
    ويرى خبراء أن هذه الشراكات قد تعيد تشكيل بنية الشرق الأوسط الاقتصادية على أسس تكاملية بدلًا من الاصطفافات الحادة.


    🔹 من وادي السيلكون إلى تدمر: مستقبل سوري مختلف
    من أبرز عناصر المشروع:
    “وادي السيليكون السوري” في حلب: منطقة حرة للابتكار والتقنية تستقطب الشركات الناشئة وتعيد الكفاءات السورية من الخارج.
    إحياء المواقع السياحية والتاريخية (تدمر، دمشق، حلب، إدلب، حماة): لتعزيز الهوية الوطنية وتوفير دخل مستدام.


    🔹 ضمانات الحوكمة والشفافية
    لضمان جدية التنفيذ، يقترح المشروع:
    إنشاء هيئة رقابية مستقلة تخضع لبرلمان انتقالي.
    نشر تقارير مالية دورية وتدقيق خارجي.
    إشراك المجتمع المدني والمغتربين السوريين للاستفادة من خبراتهم ومعايير الجودة العالمية.


    🔹 هل يتحوّل الطرح إلى واقع؟
    رغم الجدية والطموح، لا تزال التحديات كبيرة:
    غياب تسوية سياسية شاملة في سوريا.
    تضارب المصالح الدولية.
    هشاشة الوضع الأمني.
    لكن براغماتية الرئيس السوري، مع حاجة واشنطن والخليج لخلق توازنات جديدة، قد تفتح نافذة لتحقيق هذا المشروع، إذا طُرح ضمن تفاهمات دولية أوسع.


    خاتمة: من أنقاض الحرب إلى بوابة نهوض؟

    “مشروع مارشال السوري” ليس مجرد رؤية لإعادة البناء، بل دعوة لتغيير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط، حيث تصبح التنمية المشتركة بديلاً عن الصراعات الممتدة.
    نجاح هذا المشروع يتطلب إرادة سورية وطنية منفتحة، وتحالفًا دوليًا يضع الاستقرار فوق الحسابات الضيقة.
    فهل يتحوّل الحلم إلى خطة؟ أم يبقى مجرد رؤية مؤجلة بانتظار لحظة توافق؟


    محمد ياسين نجار – وزير سابق في الحكومة المؤقتة التابعة لائتلاف المعارضة السورية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى