مقالات و أراء

هذه هي أمريكا لمن لا يعرفها أو يدافع عنها

العلاقات التركية مع الولايات المتحدة الأمريكية حساسة وخطرة، والعلاقات بين الدولتين تمر بمرحلة حرجة رغم استمرار الشراكة والتعاون العسكري ورغم ان كلا الدولتين لا تستغني بعضهما عن بعض.

وان ما تفعله أمريكا تجاه تركيا من اعمال وبحجج مختلفة هو محاولة عرقلة استمرار نمو دولة سنية في المنطقة، ولمن لا يعرف أمريكا او غابت عنه الأمور التي فعلتها أمريكا، أحببت ان أعرض جزءاً من اعمالها التي قامت بها ضد السنة في المنطقة والعالم، وللحيلولة ضد قيام أي دولة سنية في المنطقة قوية من الناحية الاقتصادية والصناعية والبشرية، وهذا ما ينطبق على السيناريو المعد والمرسوم ضد تركيا وقائدها السيد رجب طيب اردوغان.

 

فأمريكا هي التي قامت بإسقاط صدام حسين بحجج كاذبة، وأمريكا هي التي سلمت العراق لإيران على طبق من ذهب كما قال الأمير سعود الفيصل رحمه الله أمام وسائل الاعلام العالمية في خيانة  واضحة لأهل السنه والعشائر السنية بالعراق الذين قاتلوا القاعدة ، وخيانةٍ لأهل الخليج الذين شاركوا أمريكا بالتحالف ضد صدام ،وامريكا هي التي أبقت على بشار الأسد في سوريا ، والذي أمضى بسنين عديدة وهو يرمي الاحياء السكنية بالبراميل المتفجرة وغاز الخردل والكيمياوي، في حين منعت عن الثوار والمعارضة تزويدهم بأسلحة للدفاع الجوي وإيقاف هذه المجازر، أمريكا هي التي تمنع إقامة مناطق آمنة للاجئين السوريين الهاربين من جحيم الأسد، وامريكا هي التي وفرت لوحدة من الجيش اللبناني يسيطر عليها حزب الله معلومات استخبارية، في حين تعلن عدائها لحزب الله اللبناني وتتهمه بإنشاء خلايا إرهابية في دول الخليج العربي، وامريكا هي التي أفرجت عن المليارات من البنوك الامريكية لفك الضائقة المالية الإيرانية بحجة الاتفاق النووي مع انخفاض سعر النفط لتستمر عمليات الشيعة بسوريا وسمحت ونسقت مع الروس لإبادة الشعب السوري السني بالطيران، وأمريكا هي التي رفضت تصنيف الحوثيين إرهابيين مرتين رغم الطلب الذي قدمته السعودية الى مجلس الأمن واستخدمت الفيتو بحجج واهية ، وسمحت لهم بالسيطرة على المدن وسلمت لهم قاعدة العند سابقاً، وامريكا هي التي وقفت علنا مع الشيعة  في البحرين ضد الحكومة البحرينية، وأمريكا هي التي قامت بالتنسيق مع فرنسا وجيشت الجيوش للقضاء بزعمهم على القاعدة بدولة مالي وقتلت الأئمة والدعاة وخاصة العنصر العربي، وامريكا هي التي رفعت العقوبات الدولية عن بورما رغم الإبادة التي مورست ضد المسلمين السنة هناك، وامريكا هي التي وسمحت وغطت مجازر المليشيات المسيحية لقتل المسلمين في الشوارع والمساجد وحرقهم وتقطيعهم وأكل لحومهم أمام شاشات الفضائيات في افريقيا وبمساعدة القوات الفرنسية هناك، فسجل أمريكا الاجرامي كبير في كل بقعة من العالم ولاننسى الجرائم التي قامت بها في فيتنام وأفغانستان وفي فلسطين وغيرها من البلدان، وكان المستهدف فيها بالدرجة الأولى هم أبناء السنة.

 

وما يهمنا هو الامر مع تركيا، فهل نظن او نتوقع ان أمريكا ستسمح للسيد أردوغان وحزب العدالة والتنمية ان يحققوا وينجزوا أهدافهم لتكون تركيا دولة سنية عظمى؟ أمريكا هي التي طلبت من الحكومة التركية التحلي بأقصى درجات الديمقراطية في المرحلة التي تلت فشل الانقلاب العسكري، ولم تطلب ذلك من نوري المالكي او حيدر العبادي اوبشار الأسد اوايران أو الحوثيين منهم مثل ذلك، لان هؤلاء جميعاً هم من غير السنة، تركيا التي طالبت وعلى لسان رئيسها خاصة السيد اردوغان بإصلاح هيئة الامم المتحدة ومجلس الأمن وإعادة النظر في حق الفيتو قائلًا “لا يمكن ترك مصير العالم معلقًا بقرارات تصدر عن الأعضاء الخمسة دائمي العضوية في مجلس الأمن الدولي” لم تعجب أمريكا، هذه أمريكا التي كانت تضع تركيا في قائمة حلفاءها واليوم تتذرع بحجج واهية لمعاقبتها، فتارةً تدعي أمريكا انه يجب معاقبة تركيا لأنها تساعد إيران في تجاوز العقوبات المفروضة عليها، وجاء رد وزير خارجية تركيا قائلاً: ” نحن غير مرغمين على الالتزام بأية عقوبات تفرضها أي من الدول ضد إيران”، وتارة ً تدعي فرض العقوبات على تركيا لانا تقدمت بشراء منظومة الدفاع الجوي(S400 ) من روسيا، وآخر هذه الحجج هي فرض عقوبات على تركيا لاحتجاز القس الأمريكي أندرو برانسون والذي تحتجزه تركيا لقيامه بأعمال تجسسيه والتعاون مع جماعة فتح الله كولن الإرهابية ،ولم يتأخر الرد التركي ايضاً، حيث قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو: “لا يمكن لأحد أن يفرض إملاءاته على تركيا، ولا يمكننا التسامح تجاه أي تهديد. سيادة القانون تنطبق على الجميع دون استثناء “، ويجب ان يكون الرد التركي قوياً وحاسماً على العقلية التي تقود اكبر دولة في العالم عقلية التاجر الذي لا يفكر الا بطريقة الربح والخسارة .

هذا موجز بسيط للأعمال التي قامت بها أمريكا، وليس إلا غيض من فيض ولا يحتاج وثائق لإثباته لكثرته ومعرفته، فهذه أمور سمع بها الجميع ورآها، فهل يوجد هناك من يدافع عن أمريكا؟ وعن اعمالها المشينة في ارض المعمورة جميعا؟

 

د. عبد السلام ياسين السعدي – خاص تركيا الآن

زر الذهاب إلى الأعلى